بطلان تقرير الخبرة القضائية يعني أن التقرير المقدم من الخبير القضائي غير صحيح أو غير مقبول قانونياً، وبالتالي لا يمكن الاعتماد عليه في الإجراءات القضائية. هناك عدة أسباب قد تؤدي إلى بطلان تقرير الخبرة القضائية، ومنها:
عدم اختصاص الخبير: إذا كان الخبير غير مؤهل أو غير مختص في المجال الذي يتناوله التقرير، فقد يتم اعتبار التقرير باطلاً.
عدم استقلالية الخبير: يجب أن يكون الخبير محايداً ومستقلاً. إذا تبين أن هناك تحيزاً أو علاقة شخصية بين الخبير وأحد الأطراف، فقد يتم إبطال التقرير.
عدم اتباع الإجراءات القانونية: إذا لم يتم اتباع الإجراءات القانونية المطلوبة في إعداد التقرير، مثل عدم إعطاء الأطراف الفرصة لتقديم ملاحظاتهم أو عدم حضورهم أثناء إجراء الخبرة، فقد يتم إبطال التقرير.
أخطاء فنية أو علمية: إذا احتوى التقرير على أخطاء فنية أو علمية جسيمة، أو إذا كان يعتمد على معلومات غير دقيقة أو غير كافية، فقد يتم الطعن في صحته.
عدم التزام الخبير بالمهمة المكلف بها: إذا لم يلتزم الخبير بالمهمة التي كلف بها من قبل المحكمة، أو إذا تجاوز حدود مهمته، فقد يتم إبطال التقرير.
تزوير أو تلاعب: إذا تبين أن هناك تزويراً أو تلاعباً في البيانات أو النتائج الواردة في التقرير، فإنه يتم إبطاله.
عدم وضوح أو تفصيل التقرير: إذا كان التقرير غير واضح أو غير مفصل بما يكفي لفهم الأسس التي استند إليها
بحث حول حجية وبطلان تقرير الخبرة القضائية
خطة
مقدمة
المبحث الأول : حجية تقرير الخبرة
المطلب الأول: إعتماد الخبرة كاملة
المطلب الثاني: اعتماد جزء من الخبرة
المبحث الثاني : بطلان تقرير الخبرة
المطلب الأول : الطعن بالبطلان و أسبابه
المطلب الثاني : آثار البطلان
خاتمة
مقدمـــة
إن أقوال وملاحظات الخصوم ومستنداتهم وعرض تحليلي عما قام به وعاينه الخبير في حدود المهمة المسندة إليه ونتائج الخبرة والتقرير يتصف بالصفة الشخصية لأنه يعبر عن وجهة نظر الخبير ويجب أيضا أن يتسم بالجزم واليقين فالأحكام لا تبنى على الشك ،ويجب على الخبير تقديم التقرير لدى أمانة المحكمة ( المجلس القضائي أو مجلس الدولة بالنسبة للقضايا الإدارية )، وذلك في الآجال المحددة ولا يتأخر إلا بوجود مبرر مقنع وإلا جاز استبداله واعتبار ذلك خطأ تأديبي .وإن تقرير الخبير يضم نوعين من المعلومات:معلومات متعلقة بأقوال الخصوم وملاحظاتهم ومستنداتهم وما قام به الخبير من أعمال ويمكن إطلاع الأطراف عليها،ومعلومات يفترض أنها سرية وهي المتعلقة بنتائج الخبرة ،وفي حالة تعدد الخبراء، يلتزمون بتقديم تقرير واحد، وإذا لم يتفقوا وجب عليهم تسبب ذلك وهذا ما نصت عليه المادة 127 فقرة 2 من القانون 08-09 فانعدام الإنفاق على تقرير واحد يكشف تباعد الآراء، ويلاحظ أن المشرع الجزائري لم يحدد نصاب الإنفاق على التقرير الواحد إن أمكن.وويلتزم الخبير بالحضور أمام المحكمة لتقديم التوضيحات اللازمة بشأن التقرير حيث يمكن استداؤه بحضور الأطراف، وعدم حضوره يعد خطأ مهنيا والهدف من حضوره هو إعطاء توضيحات تكميلية شفوية .
المبحث الأول : حجية تقرير الخبرة:
إن حرية القاضي في نعيين خبير من عدمه تحكمها حاجته إلى مساعدة من تقني متخصص بوضع له نقاط غامضة ووقائع قد يكون لها طابع علمي أو فني ليتمكن من تطبيق القانون والفصل في الموضوع لكن يبقى تقرير الخبير غير ملزم للقاضي فيمكنه الأخذ به أو استبعاده، أو الآخذ بجزء منه فقط .
المطلب الأول: اعتماد الخبرة كاملة :
أغلب الأحيان يأخذ القاضي الإداري لتقرير الخبرة طالما أن المسألة محل الخبرة فنية تخرج عن اختصاص القاضي بل إن قضاء المحكمة العليا عن القاضي على الالتزام بهذا النوع من التقرير ،وقد وردت العديد من الأحكام القضاء الإداري التي استندت على الخبرة للفصل في النزاع وإن كان هذا الإلزام لا يكتسي الطابع القانوني، إن أن نص المادة 141 يتيح للقاضي سلطة تقدير نتائج الخبرة.
وباعتماد تقرير الخبرة يصبح مرجعية في تسبب الحكم في الموضوع ونذكر منها:
" – حيث أنه.....يستخلص من القرار المطعون فيه أن قضاة الدرجة الأولى قد سببوا قرارهم بما فيه الكفاية وأسسوا قضاءهم على التقرير الطبي المحرر من طرف الخبير الطبيب...وبالتالي فقد بين الطبيب الخطأ الطبي المرتكب والمدون في تقريره.." .
المطلب الثاني : اعتماد جزء من الخبرة :
قد يلجا القاضي إلى اعتماد جزء فقط من التقرير إذا رأت أن الخبرة لم توضح كل جوانب الغموض التي طلب من الخبير توضيحها، فيلجأ القاضي إلى استكمال الخبرة بإجراءات تحقيقية أخرى مكملة كالمعانية وهذا ما أكده القضاء الإداري في عدة أحكام نذكر منها:
"...حيث أن الخبرة المأمور بها من المحكمة العليا ( الغرفة الإدارية) لم تنر كفاية المحكمة فيما يتعلق بشكل الأمكنة وحقوق كل واحد من الأطراف.."...حيث أنه تم المر بالانتقال نفس المحكمة العليا إلى الأمكنة للمعاينة....وفي الموضوع رفض تقرير الخبيرو الأمر بخبرة مضادة" " ،ونكون أمام هذه الحالة عندما أيضا تكون الخبرة ناقصة أو أنها اقترحت حلا غير عادل في التقرير كالمبالغة في تقدير قيمة التعويض أو حجم الضرر أو أن الخبرة أنجزت من طرف عدة خبراء وكانت متناقضة أو متفاوتة، فيلجأ القاضي إلى ما يعرف بالخبرة المضادة، ومن أمثلة الأحكام الإدارية في هذا المجال:
" حيث أنه وبالفعل فإن المبلغ الممنوح لا يتطابق والتقييم الذي اقترحه الخبرات الثلاث المعنية على التوالي، ومن جهة أخرى توصلت الخبرات الثلاث المنجزة إلى تقسيمات مختلفة...يتعين ولحسن سير العدالة وتبعا لظروف القضية الاستجابية لطلب الأطراف وتعيين خبير ليقوم بالمهمة نفسها ( تحيدي الأرض المنزوعة الملكية وتحديد مبلغ التعويض" .
المبحث الثاني : بطلان تقرير الخبرة:
المطلب الأول : الطعن بالبطلان و أسبابه :
لم ينص المشرع الجزائري في قانون 08.09 على بطلان تقرير الخبرة إلا في حالة واحدة نصت عليها المادة 140 فقرة 2 وهي الحالة التي تترتب على تلقي الخبير المقيد في قائمة الخبراء التسيقات عن الأتعاب والمصاريف مباشرة من الخصوم ،لكن الطعن في التقرير الخبير يمكن أن يكون لأسباب أخرى وهي أسباب بطلان الأعمال الإجرائية التي نصت عليها المواد 60 وما يليها من القانون 08-09 حيث تقرر أن بطلان الخبرة كإجراء تحقيقي شكلا لا يقرر إلا بنص و على من يتمسك به أن يثبت الضرر الذي لحقه،و يجوز للقاضي أن يمنح أجلا للخصوم لتصحيح الخبرة ، وقد قضى القضاء المصري ببطلان الخبرة لعدة أسباب من بينها تقدير الخبير ريع الأطيان دون أن يعاينها،وتقوم المحكمة عادة بتزويد الأطراف بنسخة من تقرير الخبير ويتلى أمامهم من طرف القاضي ولهم الحق في الاعتراض عليه.
- لكن المشرع الجزائري نص صراحة على أنه لا يمكن أن تشكل المناقشات المتعلقة بعناصر الخبرة ويقصد تقرير ونتائجها أسبابا للاستئناف الحكم أو الطعن فيه بالنقض، وقد تقرر هدا الحكم في المادة 81 من القانون 08-09 بالنسبة لكل إجراءات التحقيق، إذا لم تكن قد أثيرت مسبقا أمام الجهات القضائية التي فصلت في نتائج الخبرة، على أنه يجوز للأطراف مناقشة التقرير والاعتراض عليه أمام القاضي قبل الحكم في الموضوع هذا خلافا لقانون الإجراءات المدنية القديم الذي كان يجيز الطعن في تقرير الخبرة مستقلا عن الحكم في الموضوع.
ولئن كان التعديل يصب في تفادي المصاريف والدعاوي القضائية إلا أن بعض الفقه يرى أن حق الطعن في تقرير الخبير أمام محاكم الموضوع بدرجاتها المختلفة هو جزء من حقوق الدفاع ينبغي تمكين الخصوم منها ،إلا أنه من جانبنا نرى أن نص المادة 145 فقرة 2 منطقي فإذا أبدى الخصوم الاعتراض على تقرير الخبرة أمام القاضي فهذا من حقه ويمكن لهذه النقطة في القضايا الإدارية، فإذا لم يستعمل الخصم هذا الحق عند نظر القضية أمام القاضي الإداري لأول مرة، فلا يحق له إثارتها أمام مجلس الدولة لأنها ستعتبر طلبا جديدا ولن يلتفت إليه، وقد أكد هذا الرأي القضاء المصري في العديد من الأحكام منذ ما يقرب عن قرن ويمكن الطعن ببطلان تقرير الخبرة إذا شاب إجراءاته عيب جوهري ترتب عليه ضرر للخصم كأن يحدد الخبير يوما لاجتماعه بالخصوم ثم يقدمه أو يؤخره دون علمهم ولكن يشترط أن يثبت الطاعن صحة ما يدعيه أو في حالة الطعن بالتزوير،ويعتبر باطل كل تقرير يقدم تلقائيا من قبل الخبراء ومحاولا أن يغير خلاصتهم الأولى، ويجوز للقاضي على سبيل الاستدلال بخبرة باطة، إذا كان تتناول أو تكمل خبرة سابقة آمر بها في نزاع جمع بين نفس الأطراف وعدم صحة الخبرة إذا كانت تؤدي إلى بطلانها يجب إثارتهما حينها عند الفصل في الموضوع حتى ولو كان الخبير تناول نقاطا قانونية
المطلب الثاني : آثار البطلان:
إذا قررت المحكمة بطلان الخبرة يمكنها الأمر بخبرة جديدة أو تقض في الموضوع وفقا ما تراه من أسانيد بحيث لن يكون التقرير أساس لقرارها فكل تقرير باطل يفقد كل قيمة، وإن كان كما أشرنا يجيز البعض تجزئة التقرير بإبطال شق منه فقط ومنه نستنتج أنه إذا حكمت المحكمة بإبطال الخبرة تكون أمام خيارين:
- 1 فإما أن تصرف النظر عن قرار الخبرة وتفصل في الدعوى على ضوء الوثائق المبرزة فيها إذا كانت هذه كافية للحكم،
- 2 وأما أن تفقرّر إعادة إجراء تحقيق فنّي جديد من قبل خبراء جفدد أو بمعرفة نفس الخبراء السابقين ما لم يكن سبب إبطال الخبرة يعود إلى وجود سبب من أسباب الردّ
يجب الإشارة إلي أن إن مجرد وجود الغموض أو النقص لا يستلزم بالضرورة إعادة الخبرة، بل يستلزم الإيضاح والتفسير وسدّ النقص من قبل الخبراء أنفسهم توفيراً للوقت وللجهد وللتكاليف.
أما إذا رأت المحكمة عدم كفاية الإيضاحات المقدّمة من الخبير أو الخبراء أو ثبت لها عجز أعضاء الخبرة الجارية عن إيضاح الغموض وسدّ النقص الملاحظ في خبراتهم، فإنها تأمر من تلقاء نفسها أو بناء على طلب أحد الخصوم القيام بتحقيق فنّي جديد، أو بعمل تكميلي يمكن أن تعهد به إلى الخبير أو الخبراء أنفسهم أو إلى خبراء آخرين.
وعلى المحكمة أن تبيّن في قرار إعادة الخبرة النقص أو الغموض الذي دعاها لإعادة الخبرة وإذا لم تعلّل قرارها واستعانت في بناء حكمها على الخبرة الجديدة يكون هذا الحكم عرضة للنقض.
المطلب الثالث : متابعة القضية:
يرفع التقرير ويبلغ من قبل الطرف الأكثر استعجالا وتوضع القضية في جدول القاضي وفي الحالات الاستعجالية، يمكن الفصل بمجرد إيداع التقرير لدى كتابة الضبط ،والقضاة غير ملزمين برأي الخبير ( المادة 54 من ق إ م القديم) وتتخذ إجراءات إعادة السير في الدعوى وفقا لما ينص عليه القانون 08-09،و بالنسبة للغير التقرير ليس له حجية في مواجهة الغير ولا حتى الطرف الذي جاءه لاحقا على إيداع التقرير،ويمكن للقاضي أن يستعمل خبرة أنجزت بين نفس الأطراف بمناسبة قضية أخرى وأيضا استعمال خبرة أنجزت بين الأطراف والغير في نزاع أخر على سبيل الاستعلام.
خاتمة
إن أهمية الخبرة كمؤسسة قانونية أصبحت تحتلّ مكاناً متميّزاً في الإثبات وفي إنارة الطريق أمام أجهزة العدالة من هنا نرى ضرورة التدقيق جيداً في اختيار الخبراء سواء لجهة الكفاءة العلمية أو لجهة الأمانة والإستقامة ونرى ضرورة التعاون في هذا المجال مع النقابات المختصّة لجهة الإختيار مثل نقابات الأطباء والمهندسين والصيادلة وغيرها بغية إيجاد جهاز من الخبراء الأخصائيين يحوز على ثقة الذين يعتمدون عليهم في مهام الخبرة القضائية ضمن إطار العمل القانوني.