يعتبر قطاع السكن قطاعا حساسا ذو أهمية بالغة لما يحققه من استقرار اقتصادي واجتماعي وسياسي، كما يعتبر من الانشغالات البالغة الأهمية للدولة بعد مشكل البطالة، ومن أجل ذلك عملت الدولة الجزائرية منذ الاستقلال إلى إطلاق سلسة من البرامج السكنية تتنوع حسب تنوع فئات المجتمع و حسب الجهات و المناطق الجغرافية، تطلب تنفيذ هذه البرامج إصدار عدة نصوص تشريعية تتضمن كيفية إدارة و تسيير هذه السكنات، و كحل لأزمة السكن ظهرت فكرة إنجاز السكنات الاجتماعية الموجهة إلى فئة من الأشخاص ذوي الدخل الضعيف و المحدود، الذين لم يكن لهم سوى اللجوء إلى السبيل المتاح أمامهم و هو إبرام عقود الإيجار التي تخولهم إمكانية الانتفاع بما توفر من محلات سكنية، و خلق ما يسمى بـدواوين الترقية و التـسيير العقاري، المختصة بإيجار هذه السكنات، و التي اعتبرها المشرع الجزائري مؤسسات عمومية وطنية ذات طابع صـناعي و تجاري.

فبعد خروج المعمر الفرنسي من البلاد، و بعد أيلولة الأملاك الشاغرة للدولة الجزائرية بصفة نهائية بصدور الأمر رقم 66/102 المؤرخ في 06 ماي 1966 المتضمن انتقال الأملاك الشاغرة للدولة، سار المشرع في وضع عدة نصوص تشريعية لتسيير و تحديد من يتكفل بتسيير هذه الأملاك التي أصبحت أملاكا وطنية تابعة للدولة الجزائرية، و باعتبار أن موضوع دراستنا يتضمن إيجار جزء من هذه الأملاك المتمثل في المحلات السكنية التابعة لديوان الترقية و التسيير العقاري، فإنه من الأجدر ألا أغفل دراسة مراحل نشأة هذه الدواوين باعتبارها المصلحة المؤجرة لهذ ه السكنات.
لقد تم إسناد مهمة القيام بإيجار المحلات السكنية التابعة لديوان الترقية و التسيير العقاري في مرحلة أولى إلى مصالح السكن بالولاية، و تم إحداث مؤسسة عمومية للتسيير في شكل مكتب للسكن المعد للكراء على مستوى كل ولاية، و في مرحلة لاحقة أنشأت مكاتب جديدة تدعى مكاتب الترقية و التسيير العقاري، بموجب الأمر 74/63 المؤرخ في 10 جوان 1974، و الذي سرعان ما تم إلغاءه بموجب الأمر 76/93 المؤرخ في 23 أكتوبر 1976، و قد نتج عن هذا صدور المرسوم التنفيذي رقم 76/143 المؤرخ في 23 أكتوبر 1976 ، و لقد تم إنشاء هذه المكاتب لبناء المساكن من أجل الإيجار الجماعي و الفردي و كذا تسيير هذه البرامج و مراقبة و جرد هذه السكنات، و نتج عن ذلك صدور المرسوم التنفيذي رقم 76/144 المؤرخ كذلك في 23 أكتوبر 1976 لحل المكاتب العمومية للسكن معتدل الكراء التي تم إنشاؤها خلال فترة الاستعمار، ثم تبعه صدور عدة مراسيم و قوانين لتنظيم العلاقة بين المؤجر و المستأجر لغاية صدور المرسوم 85/270 المؤرخ في 05 نوفمبر 1985، ليعيد تنظيم دواوين الترقية و التسيير العقاري، ثم جاء المرسوم التنفيذي 91/147 و الذي ألغى المرسوم 85/270 و منح لهذه الدواوين الطابع الصناعي و التجاري، و اعتبرها تاجرة في علاقتها مع الغير و خاضعة لقواعد القانون التجاري، ثم جاء المرسوم 93/08 المؤرخ في 02 جانفي 1993،الذي تمم و عدَل المرسوم التنفيذي 91/147 و تم بموجبه إخضاع دواوين الترقية و التسيير العقاري لوصاية الوزير المكلف بالسكن، بعدما كانت خاضعة لوصاية الوالي.