
إن للأعذار آثار بالغة الأهمية على الدائن والمدين على السواء سواء فيما يتعلق في نشوء الحق للدائن لإجبار المدين على التنفيذ الجبري، وكذلك به تنتقل تبعة اهلاك، كما يجيز في حالات معينة للدائن طلب فسخ العقد.
لكن تبقى أهم نتائجه وأساس قيامه هو نشوء الحق للدائن في التنفيذ بطريق التعويض الذي أقرته المادة 179 من القانون المدي.
وإذا كان الملاحظ من خلال نصوص القانون المدي أنه تناول آثار الأعذار في مواقع مختلفة بحسب ما تمليه طبيعة كل التزام، إلا أنه يأخذ عليه عدم حصره لتلك الآثار وذلك لما تبين لنا أن القضاء بالتعويض ليس هو الأثر الوحيد له.
وإذا أمعنا النظر في أحكام الأعذار السالفة الذكر، فإنه يمكن إبداء الملاحظات التالية:
الملاحظة الأولى، أن تقرير مبدأ العقد شريعة المتعاقدين المنصوص عليه بالمادة 106 من القانون المدي الجزائري وما أقرته المادة 107 فقرة 1 التي توجب تنفيذ العقد طبقا لما اشتمل عليه وبحسن نية يجعل من حكم المادة 179 من القانون المدني بمثابة نقض ضمني لهاذين المبدأين متى علمنا وسلمنا أن التنفيذ بطريق التعويض باعتباره بديل ومقابل عن عدم التنفيذ العيني، فإن ربطه بتوجيه الأعذار تحت طائلة سقوط الحق فيه كأنه اعتراض على إرادة المتعاقدين في تنفيذ الإلتزام.
أما الملاحظة الثانية، مفادها أن حكم المادة 179 من القانون المدي غامضة من جهة عدم التمييز بين التعويض كتنفيذ مقابل لعين ما إلتزم به المدين بإعتباره حق ثابت للدائن بموجب الإلتزام وكذا التعويض عن الضرر الخارج عن إطار تنفيذ الإلتزام والمتصل أساسا بحساب الضرر الناتج عن التأخير في تنفيذ الإلتزام.
وبحسب رأينا فإن الأعذار لا يمكن أن يكون شرطا للحكم بالتنفيذ بطريق التعويض بإعتباره حق مكتسب للدائن مصدره ضرورة تنفيذ الإلتزام طبقا لما إشتمل عليه ويحسن نية وأن المدين ملزم بتنفيذ إلتزامه.
في المقابل نرى أن إعذار المدين هو جرء جوهري من أجل حساب التعويض عن التأخير في التنفيذ إذا أصاب الدائن ضرر، وكذا حساب الضر عن فوات فرص الربح، لكن هذا يصطدم بمبدأ عدم جواز الربا في المعاملات المدنية، دون التجارية.
الملاحظة الأخيرة والمتعلقة بطرق الإعذار، فإذا كان المشرع قد عدد وسائل إعذار المدين من خلال المادة 180 من القانون المدني إلا أنه يعاب عليه بالنسبة لوسيلة الأعذار بطريق البريد ذلك أن نصوص القانون المدني لم تبين أحكامه كما أشارت وإحالة إلى ذلك المادة السالفة الذكر فعلى المشرع أن يتدارك هذا الخلل، كون أن هذه الوسيلة كثيرة العمل في الواقع العملي.
ويبقي الأعذار حق مقرر لمصلحة المدين بالدرجة الأولى باعتباره الطرف الضعيف في العلاقة التعاقدية إذ لا يمكن أن يباغته بالتنفيذ الجبري أو بالتنفيذ بطريق التعويض بل عليه أن يضعفه، بداية موضع الممتنع عن التنفيذ حتى يحق له بعد ذلك استفاء حقه من عنده، وهو واجب للمطالبة بالتعويض عن التأخير في التنفيذ وللمطالبة بالتعويض عن عدم التنفيذ متى توفرت شروطه.
وفي جميع الأحوال يمكن اعتبار أن مبدا الأعذار هو قاعدة قانونية تساهم في استقرار المعاملات المدنية، بالرغم من أنه يشكل تضييقا لمبدأ العقد شريعة المتعاقدين.