التعريف القانوني لمحكمة الجنايات
تنص المادة 18 من قانون التنظيم القضائي الجزائري المعدل على أن "توجد بمقر كل مجلس قضائي محكمة جنايات ابتدائية ومحكمة جنايات استئنافية، يحدد اختصاصها وتشكيلتها وسيرها بموجب التشريع الساري المفعول".
استجابة لذلك، تم تعديل قانون الإجراءات الجزائية بالقانون رقم 17-07 المؤرخ في 27 مارس 2017، ليتم إنشاء محكمتين جنائيتين على مستوى كل مجلس قضائي:
المحكمة الجنايات الابتدائية: تختص بالنظر في القضايا الجنائية المتعلقة بالجنايات، بالإضافة إلى الجنح والمخالفات المرتبطة بها، التي تحال إليها بقرار نهائي من غرفة الاتهام.
المحكمة الجنايات الاستئنافية: تختص بالفصل في استئناف القرارات الصادرة عن المحكمة الجنايات الابتدائية.
تختص محكمة الجنايات بالفصل في الجرائم التي تعتبر جنايات وفقًا للقانون الجزائي، وهي الجرائم التي يعاقب عليها القانون بعقوبات قد تشمل السجن المؤقت أو المؤبد أو الإعدام. كما تمتلك محكمة الجنايات الولاية الكاملة على الأشخاص البالغين سن الرشد الجزائي.
وقد تم تعديل المادة 249 من قانون الإجراءات الجزائية بموجب المادة 149 فقرة 4 من قانون حماية الطفل، مما ألغى الفقرة التي كانت تشير إلى اختصاص محكمة الجنايات بالفصل في القضايا المتعلقة بالأطفال في سن معين.
وتعتبر محكمة الجنايات جهة قضائية لا يمكنها الرجوع عن اختصاصها في الجرائم التي تحال إليها من غرفة الاتهام، حتى إذا كانت الجرائم مختلطة بين الجنايات والجنح أو المخالفات. ومع ذلك، إذا تم إحالة قضية إلى محكمة الجنايات عن طريق الخطأ، فيمكن للمحكمة أن تقضي بعدم الاختصاص.
بالإضافة إلى ذلك، تختص محكمة الجنايات بالفصل في الدعوى المدنية التبعية في القضايا الجنائية، أي عندما تكون هناك مطالبات بالتعويض في الجرائم التي يتم النظر فيها، حيث يمكن أن تحكم بالتعويض المدني للمتضررين.
وأخيرًا، يمكن الطعن في الأحكام الصادرة عن محكمة الجنايات عبر الاستئناف و النقض، كما يمكن تقديم المعارضة في الأحكام الغيابية الصادرة عنها.
تشكيل محكمة الجنايات
اعتمد المشرع الجزائري في تشكيل محكمة الجنايات منذ صدور قانون الإجراءات الجزائية على النظام المختلط، الذي يجمع بين العنصر المحترف و العنصر غير المتخصص. هذا النظام يعكس اهتمام المشرع بتفعيل دور الشعب في إدارة العدالة الجنائية، من خلال تضمين المحلفين إلى جانب القضاة المهنيين. ومع تعديلات القوانين عبر السنوات، شهدت محكمة الجنايات تغييرات في عدد المحلفين والاختصاصات المتعلقة بالقضاة، مما خلق جدلاً فقهيًا حول هذه المشاركة الشعبية في القضاء الجنائي.
الفرع الأول: العنصر المحترف في تشكيل محكمة الجنايات
في هذا الفرع، سنتناول دور القضاة المهنيين في محكمة الجنايات. يتمثل العنصر المحترف في القاضي الذي يتولى الحكم في القضايا الجنائية، ويعتبر هذا العنصر من العناصر الأساسية في تشكيل المحكمة. القاضي المهني يمتلك الخبرة القانونية والقدرة على تحليل الأدلة والشهادات واستخلاص الأحكام المناسبة.
الفرع الثاني: العنصر غير المتخصص (المحلفون)
تميزت محكمة الجنايات بتضمين المحلفين، وهم أفراد من المجتمع لا يتمتعون بتدريب قانوني أو قضائي، وإنما يتم اختيارهم من بين المواطنين للقيام بدور حيوي في محاكمة القضايا الجنائية. هذا النظام يهدف إلى منح المجتمع دورًا في مراقبة تطبيق العدالة ويعكس الديمقراطية في اتخاذ القرارات القضائية. سنستعرض في هذا الفرع كيفية اختيار المحلفين وطبيعة دورهم في محكمة الجنايات.
الفرع الثالث: التشكيلة الخاصة بمحكمة الجنايات
في هذا الفرع، سنتناول التشكيلة النهائية لمحكمة الجنايات بعد التعديلات التشريعية، بحيث تتكون من القضاة المحترفين جنبًا إلى جنب مع المحلفين. نوضح من خلال هذا الفرع التوازن بين الاختصاص القضائي المهني والمشاركة الشعبية، ونتطرق إلى عدد المحلفين وأثر هذه التعديلات في تفعيل العدالة الجنائية.