الاحزاب السياسية و الجماعات الضاغطة
مبحث الأول ممارسة السلطة بواسطة الأحزاب السياسية
المطلب الأول: نشأة الأحزاب السياسية وتعريفها
المطلب الثاني : وسائل الإعلام و دور الأحزاب السياسية
المبحث الثاني: ممارسة السلطة بواسطة القوى الاجتماعية أو الجماعات الضاغطة
المطلب الأول: مفهوم الجماعات الضاغطة وأنواعها
المطلب الثاني : مميزات القوى الاجتماعية وبعض النماذج عنه
الخـــاتمة
مقدمــة :
توصلنا في البحوث السابقة إلى إثبات أن الشعب لم يعد دائما المختار الفعلي للحكام بسبب تدخل عدد من الهيئات وخاصة منها الأحزاب والجماعات الضاغطة ( القوى الاجتماعية) والمهنية والإعلام خاصة بالدول التي بهـا أحزاب متعددة مثل إيطاليا. ومن هنا يمكن القول بأن عملية الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية لم تعد المحدد الرئيسي الذي يقرر مصير الفائزين، والسبب في ذلك يعود إلى أن الانتخاب الذي يقوم به أفراد الشعب لم يعد يعتمد على الاتجاهات الحقيقية للناخبين وإنما أصبح خاضعا لتأثيرات واتجاهات وسائل الإعلام والأحزاب السياسية، وبالتالي حلت الأحزاب محل الناخبين في اختيار الحكام.
المطلب الأول: نشأة الأحزاب السياسية وتعريفها
الفرع الأول: نشأة الأحزاب السياسية
أ-نشأة الأحزاب السياسية :
إن نشأة الأحزاب السياسية تجد مصدر وسبب نشأتها في الاقتراع العام بواسطة المجموعات البرلمانية، ذات الإيديولوجيات المختلفة والمشكلة للبرلمان أو اللجان الانتخابية التي كانت تشكل للتعريف بالمترشحين التابعين لها أو بواسطة الجماعات الفكرية والنوادي الشعبية وعلى رأسها النقابات.
ب-تعريف الأحزاب السياسية :
يمكن تعريفها بأنها تنظيم يتشكل من مجموعة من الأفراد تتبنى رؤيا سياسية منسجمة ومتكاملة تعمل في ظل نظام قائم على نشر أفكارها ووضعها موضع التنفيذ، وتهدف من خلال ذلك إلى كسب ثقة أكبر عدد من المواطنين على حساب غيرها وتتولى السلطة أو على الأقل المشاركة في قراراتها.
الفرع الثاني: أنواع الأحزاب السياسية ودورها في التمثيل السياسي :
إذا انتقلنا إلى أنواع الأحزاب السياسية، فإنه يمكن تقسيمها من حيث القاعدة البشرية إلى جماهيرية وطلائعية، أو من حيث الفلسفة إلى محافظة واشتراكية، وسوف نتبنى التقسيم الأخير دون إهمال الأول.
1-الأحزاب المحافظة :
ظهرت في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية وتتميز باهتمامها بالنوعية وليس عدد المنتمين سواءا بانتماءاتهم العائلية أو بثروته لسد نفقات الحملات الانتخابية.
- كما أنها لا تتطلع للجماهير لما يتمتع به أعضاؤها من امتيازات خاصة وارتباطهم بالأفكار التقليدية، فضلا عن افتقارها لإيديولوجية واضحة وقيام ميزانيتها على المنح والهبات.
- أما هيكلتها القاعدية، فتعتمد على اللجان المحلية المشكلة من أعضاء معينين أو مرشحين، وتتمتع باستقلالية كبرى عن الهيئات المركزية، إلا أن التنظيم المحكم لطريقة الانتخابات قد أثر على هذه الاستقلالية.
2-الأحزاب الاشتراكية :
لقد ظهرت هذه الأحزاب أثناء الحكم البورجوازي وتطورت واتسع نطاقها نتيجة مساوئ النظام الرأسمالي، غير أنها انقسمت على نفسها فظهرت أنواع عديدة جديدة من الأحزاب تستمد بعض مبادئها من الاشتراكية، إلا أن أغلبيتها لا صلة لها على الإطلاق بالاشتراكية كالأحزاب الفاشية والأحزاب العمالية أو الاشتراكية في بعض الدول.
3-نوعا الأحزاب الاشتراكية :
- تنقسم الأحزاب الاشتراكية إلى أحزاب جماهيرية وأخرى طلائعية.
فالأحزاب الاشتراكية الجماهيرية تعتمد على العمال، وهي مفتوحة للجماهير وتتكون ميزانيتها من الاشتراكات التي يدفعها المنخرطون، كما تتميز عن غيرها من حيث الهيكلة القاعدية، فهي تقوم على التنظيم القاعدي المتمثل في القسم ولها إيديولوجية معتدلة تهدف في مرحلة أولية إلى حماية الأغلبية من استغلال الأقلية وأخيرا تحقيق رفاهية المجتمع في جانبها النظري، غير أنها من حيث الممارسة كانت أدوات في يد أو لفاشية سياسية مشكلة من قادة الحزب والبيروقراطيين والتقنوقراطيين.
- وتجدر الإشارة إلى أن هناك أحزابا تدعي الاشتراكية إلا أنها في حقيقة الأمر لا صلة لها بها، مثل ذلك الحزب العمالي البريطاني، الحزب الاشتراكي الفرنسي اللذين كثيرا ما دافعا عن طبقة البرجوازي واستغلال الشعوب بأكملها.
- أما الأحزاب الشيوعية فشأنها شأن الأحزاب الاشتراكية، والغرض منها هو توسيع فكرة الديمقراطية وهي وليدة الانقسام الذي حدث في الأحزاب الاشتراكية، غير أنها وإن كانت تعتمد على قاعدة عريضة من الجماهير إلا أنها تتميز من ناحية اعتناقها لإيديولوجية أكثر وضوحا ولم من الناحية النظرية، فضلا عن اقتصار الانخراط فيها على الأفراد الذين يمثلون طليعة الطبقة العاملة الواعية أي الأحزاب الطلائعية، وقيام تنظيمها وهيكلتها في القاعدة على خلية المؤسسة المشكلة من عدد قليل من المناضلين، والسبب في ذلك يعود إلى أن المصالح المادية للعمال، حسب وجهة النظر الماركسية تحتل الأولوية على مصالح الحب والمصالح السياسية، كما تتميز هذه الأحزاب بقيامها على المركزية الديمقراطية التي تعني انتخاب هيئات الحزب من القاعدة إلى القمة والتزام الهيئات الأدنى بقرارات الهيئات العليا.
المطلب الثاني :وسائل الإعلام و دور الأحزاب السياسية
الفرع الأول : وسائل الإعلام و تأثيرها علي الاحزاب السياسية :
تستعمل إلى جانب الأحزاب السياسية وسائل أخرى للتأثير على الانتخابات (الناخبين) فوسائل الإعلام تستعمل للحملات الانتخابية وهي في الدول الليبرالية مملوكة في أغلبها من قبل الخواص مما يجعلها تنحاز إلى حزب أو فئة معينة، ومثل ذلك وسائل الإعلام في الولايات المتحدة الأمريكية حيث نجد أغلبها ملكا لأعضاء ينتمون إلى الحزب الديمقراطي وكذلك الحملات الانتخابية باستعمال وسائل الإعلام المملوكة من طرف الدولة، وتحديد أماكن النشر وتحقيق حرية الرأي والتعبير، وهذا من طرف الدول الليبرالية.
الثاني : دور هذه الأحزاب في التمثيل السياسي :
أ- دور الأحزاب اتجاه الناخبين :
إن الأحزاب السياسية تتولى مهمة النوعية حول السياسة المتبعة من طرف الحكام وموقفها منها، كما توضح إيديولوجيتها للشعب وبرامجها قصد زيادة عدد المنخرطين فيها، وبالتالي الفوز على غيرها، فمن المعروف أنه لكي يستمر بقاؤها يجب أن تكون معبرة عن مشاعر ومطالع وآمال طبقة أو فئة أو مجموعة من الفئات،مما يعزز قاعدتها ويضمن بقاءها ويدعم نجاحها ويطور إيديولوجيتها بما يتماشى والتطور، ومن هنا نجد أن الأحزاب تضمن بقاءها طالما بقيت معبرة وموجهة لرأي المجموعة التي تمثلها.
ب- دور الأحزاب اتجاه النواب( الممثلين )
- تلعب الأحزاب دور الوسيط بين النواب والمنتخبين بواسطة وسائلها ومناضليها في الدائرة الانتخابية، فهي تحيط النائب علما بكل ما يجري داخل الدائرة الانتخابية ومطامح وشعور السكان.
- كما تقوم بتعزيز العلاقة بين النائب وناخبيه بإخطارهم بنشاطات النائب رغم أنه يقضي غالبا أيام الراحة في دائرته الانتخابية، ومن المعروف أنه كلما كانت العلاقة بين الحزب والنائب متينة كلما كان ذلك في صالحها حفاظا على سمعة الحزب وتأكيد حسن اختياره وإمكانية تجديد انتخاب النائب.
الفرع الثالث : الأحزاب بين المؤيد والمعارض :
أ-الرأي المعارض :
يرى هذا الرأي بأن الأحزاب السياسية لا تعدو أن تكون تنظيمات تساهم في زعزعة الوحدة الوطنية، باعتبار أنها تدعو إلى التنافس والتناحر وتبث روح الانقسام بين المواطنين بتدخلاتها السلبية المتمثلة في معارضة ما يقدمه غيرها تؤثر على الرأي العام فتشوهه ولا يصبح تعبيرا حرا.
وإلى جانب ذلك نجد أن الأحزاب السياسية تعمل لتحقيق مصلحة أعضائها الخاصة إذ لم نقل قيادتها فقط، مما يؤثر على المصلحة العامة وفضلا عن ذلك فإن الأحزاب سبب ضرورة اعتناقها لإيديولوجية معينة تصبح متأثرة بغيرها من الأحزاب الأجنبية، وقد تتحول إلى تنظيمات عميلة تتلقى التوجيهات من الخارج، خاصة من الدول النامية حديثة الاستقلال التي ارتبطت أحزابها أثناء الكفاح بأحزاب سياسية أجنبية قدمت لها يد المساعدة، وأخيرا فإن الأحزاب رغم تظافر تنظيمها ونشاطها بالديمقراطية إلا أنها بمجرد تولي السلطة تعزف عن تلك الصفة وتتحول إلى أحزاب دكتاتورية لا تتوانى عن استعمال كل الوسائل للتأثير على غيرها من الأحزاب.
ب-الرأي المؤيد :
يرى هذا الرأي بأن الأحزاب السياسية هي مدارس تثقيفية، حيث يتخرج منها رجال السياسة محنكين قادرين على تسيير شؤون الدولة بسهولة كما أنها عامل من عوامل المراقبة لأعمال الحكومة بإطلاع الجماهير على مشاريع الحكومة وتصرفاتها وتكييفها مع المصلحة العامة، وفضلا عما سبق فإن وجود الأحزاب السياسية يبرهن على وجود ديمقراطية فعلية بشرط أن يكون رائدا في عملها وهو المنافسة السياسية السلمية مما يساهم في توعية الشعب.
المبحث الثاني: ممارسة السلطة بواسطة القوى الاجتماعية أو الجماعات الضاغطة
المطلب الأول: مفهوم الجماعات الضاغطة وأنواعها :
الفرع الأول: مفهوم الجماعات الضاغطة
القوى الاجتماعية هي تلك الجماعات التي تضم مجموعة من الناس يتحدون في عدة صفات، تجمعهم بعضهم ببعض مصلحة أو مصالح معينة، ولكنهم لا يهدفون إلى تحقيق أرباح تجارية أو الاستيلاء على السلطة كما هو الحال بالنسبة للشركات التجارية أو الأحزاب السياسية فهناك مجموعات بعيدة نوعا ما عن النشاط الحكومي، كالجمعيات الدينية وجمعيات حقوق الإنسان في حين نجد جمعيات لها صلة مباشرة بالنشاط السياسي مثل الهيئات المهنية أو صغار الصناع والتجار.
الفرع الثاني : أنواع القوى الاجتماعية
هناك نوعان للقوى الاجتماعية همــا :
أ- جماعات المصالح :
تشمل جماعات التجار، الأعمال، العمال، الزراعة، الدين، المهن وكذلك الجماعات العرقية، وتوجد في معظم البلدان مثل هذه الجماعات كالغرف التجارية واتحادات الصناع والتجار، سواء أولئك الذين يعملون في إنتاج المواد الخام أو تصنيعها أو الجماعات التي تسيطر على وسائل التمويل، ويدخل ضمن هذه الجماعات الشركات الكبيرة وأصحابها
ومن أهم هذه المجموعات في الولايات المتحدة الأمريكية وأكثرها ثروة المجموعات المحترفة أو الجمعيات (Union American Form Bureau)وغير ذلك من المنتجات الزراعية وكذلك جمعيات الغرف التجارية
ب- جماعات الأفكار :
تنظم الأفكار، تضم أفرادا يشكلون جماعة للدفاع عن فكرة أو أفكار معينة كجماعات حظر الخمور والمحافظة على آداب المرور والحكومة الدستورية
المطلب الثاني : مميزات القوى الاجتماعية وبعض النماذج عنها
الفرع الأول: مميزات القوى الاجتماعية
قلنا بأن الجماعات الضاغطة هي تلك التي تضم مجموعة من الأفراد يتحدون وتجمعهم ببعض مصلحة أو مصالح معينة ولكنهم لا يهدفون إلى تحقيق أرباح تجارية أو الاستيلاء على السلطة.
من هنا يتضح لنا أن جماعات الضغط تختلف عن الشركات التجارية في كونها لا تهدف إلى تحقيق أرؤباح معروفة في التجارة وإلا أصبحت في عداد الشركات، كما أنها تدافع عن مصالح وصفات معنوية وإن كانت ترتبط بها مصالح مادية أيضا.
الفرع الثاني : نموذج من تدخلات الجماعات الضاغطة في المجال السياسي
1- اللجنة الأمريكية الإسرائيلية :
التي تمارس الضغط على الكونغرس وهي المسماة APIAC والمقيمة في الشارع 05 في نيويورك ، والمشكلة من 44 عضوا منتشرين في الولايات 50 لها لجنة تنفيذية من 50 أمريكيا ثلثهم من رؤساء المؤسسات اليهودية.
2- جمعية النداء اليهودي المتحد :
وهي عبارة عن صندوق لجمع التبرعات لصالح إسرائيل.
3- المجتمع الأمريكي اليهودي :
الذي يقوم بنشاطه فيحول القرار الأمريكي إلى قرار لمصلحة إسرائيل.
الخــــاتمة:
إن ممارسة السلطة أصبحت اليوم بأشكال متعددة نتيجة التطور الزمني وزيادة الأفكار التي تسعى إلى المزيد من الجدة والحضارة، فكانت الأحزاب والقوى الاجتماعية التي تلعب دورا رئيسيا في ممارسة السلطة واختيار وتمثيل الناخبين بعرض كل نشاطاتهم وساهمت كذلك القوى الضاغطة في توجيه السلطة كما رأينا سابقا، ومنه فكلاهما مهم جدا وفعال في الاتجاه السياسي.
المـــراجع :
1- القانون الدستوري والنظم السياسية المقارنة ( الجزء الثاني) لسعيد بوشعير
2- أصول القانون الدستوري والنظم السياسية (الجزء الأول).د محمد أرزقي نسيب
3- مصادر من شبكة الإنترنيت.
----------------------------------------
حث حول الاحزاب السياسية
خطة البحث
1. طرح الإشكالية (مقدمة).
2. الفصل 1: ماهية الأحزاب السياسية ، خصائصها ، أنواعها.
المبحث 1: تعريف الحرب السياسي.
المبحث 2: خصائص الحرب السياسي.
المبحث 3: أنواع الحرب السياسية وأشكالها.
3. الفصل 2: أهمية الأحزاب السياسية ووظائفها.
المبحث1: أهمية الأحزاب السياسية.
المبحث2: الرأي المعارض لوجود الأحزاب السياسية.
المبحث3: وظائف الأحزاب السياسية.
4. الخاتمة.
1. المقدمة:
تعتبر الأحزاب السياسية من الجماعات المؤثرة بشكل رسمي في السياسة العامة للدولة ، و يكاد يقتــرن وجود النظام الديمقراطي في بلــــــــد ما بوجود الأحزاب السياسية ، حيث تتمكن هـــــذه الأخيرة مـــن المشاركـــــــة في الحكم عن طريق الانتخابات التي تحشد لـــــــها الأنصار و المتعاطفين مع المشروع السياسي الذي يحمله الحزب ، و يسعى الحـــــرب من خلال مشاركته في الانتخابات إلى تحقيق مصالح أعضائه و المتعاطفـيـن معه و قد يكون مشاركا في الحكم أو معارضا له أو بعض المعارضة أحيانا و التأييد أحيانا أخرى .
أما عن تأثير الأحزاب في مجريات الأحداث السياسية و تسيير الشأن العام فيكون من خلال البرلمان، الحكومة و الجماعات المحلية التي تشكل من الأحزاب الفائزة بالانتخابات التي تنظم دوريا.
إذن ما هي الأحزاب السياسية ؟ و ما هي خصائصها ؟ و ما أهميتها و وظائفها في المجتمع و الدولة ؟
الفصل 1 : ما أهمية الأحزاب السياسية ؟ خصائصها و أنواعها
المبحث 1 : تعريف الحرب السياسي :
• تعريف جورج بيردو ( 1) : هو كل تجمع من الأشخاص الذين يؤمنون ببعض الأفكار السياسية و يعملون على انتصارها و تحقيقها و ذلك بجمع اكبر عدد ممكن من المواطنين حولها و السعي للوصول إلى السلطة ، و على الأقل التأثير على قرارات السلطة الحاكمة .
• و حسب عاصم احمد عجيلة (2): فان الحرب السياسي هو : الجماعة من الناس لهم نظام و أهداف و مبادئ يلتقون حولها و يدافعون عنها و يسعون إلى تحقيقها عن طريق الوصول إلى السلطة أو الاشتراك فيها .
• تعريف قدم في المحاضرة عن( ادمون بارد)(3) " الحزب هو مجموعة من الأفراد يجمعهم السعي نحو تحقيق المصلحة القومية انطلاقا من أفكار معينة تتوافق عليها ، أي أن الحرب هو تنظيم سياسي لطبقة واعية في مجتمع ما يسعى إلى السلطة بغرض تطبيق السياسي و عندما يصل إلى السلطة فانه يحكم لصالح طقته لكن باسم الشعب ".
المبحث 2 : خصائص الأحزاب السياسية :
يكاد يجمع الباحثون على أن للحرب خمسة خصائص على ضوء كل التعاريف المتداولة ، و إن كانت هذه الخصائص لا تتحقق دائما مثل : خصوصية الديمومة ، حيث هناك أحزاب تنشا و تنقرض في وقت قصير (4) :
1)التنظيم الدائم :
عمر الحزب يتجاوز عــــمر من أنشاه ، حيث يستمر و يدوم مما يعطيه جذورا تاريخية بخلاف بعـــــض المجموعات العرضية التي سرعان ما تنقرض ، الحرب يحمل مشروع سياسي .
2)تنظيم وطني:
هو تنظيم من القمة إلى القاعدة يغــــــطي كل التراب الوطني للقطر بخلاف التنظيمات المحلية أو الجهوية، يتأسس على قيادة مركزية وقيادات ولائية ثم لجان أو مكاتب بلدية .
3)السعي للوصول إلى السلطة :
لابد للحرب أن يسعى للوصول إلى السلطة لكي يتولى الحكم سواء منفردا أو بالاشتراك مع أحزاب أخرى ، وذلك لتحقيـــــق وتجسيد البرنامج الذي يحمله والوفاء بوعود الحملة الانتخابية .
4)السعي للحصول على الدعم الشعبي :
يحقق الحرب السياسي أهدافه عن طريق قاعـــــــدة شعبية تسنده وتدعمه في الانتخابات ويسعى لذلك عن طريق الإقناع والحوار المباشر .
5) يحمل مذهب سياسي :
لابد للحرب أن يتبنى مذهبا سياسيا يدافع عنــه ، يضمنه المشروع المعروض على الشعب للتصويت عليه ،وهو يحمل المبادئ والأهداف والوسائل
المبحث الثالث: أنواع الأحزاب السياسية وأشكالها:
تشترك الأحزاب السياسية فيما بينها بخاصية الوصول إلى السلطة ، لكن رغم ذلك فإنها تنقسم إلى أنواع متعددة ، هذه الأنواع اختلف فيها الباحثون اختلافا كبيرا ، إذ قسموها وصنفوها تصنيفات عديدة حسب اختلاف المعايير التي ينطلقون منها لهذا الغرض ، وعليه تصنف الأحزاب السياسية تصنيف بنيوي وتصنيف إيديولوجي(1)
أولا: التصنيف البنيوي : يميز هذا التصنيف نوعين من الأحزاب :
i. أحزاب أطر : هي أحزاب قديمة في الغالب ، ترتكز على الشخصيات فهي لاتهتم بالكم الجماهيري أي تعتمد على الأعيان(رجال الدين ، أصحاب الجاه ، المثقفين ،..) ، تمتاز بثلاث خصائص: قلة عدد المنخرطين ، البنية المرنة و هيمنة القيادة على القاعدة.
ii. أحزاب جماهيرية: نشأت من خارج النظام السياسي ، فهي أحزاب معارضة كالأحزاب الاشتراكية وتمتاز بـ:الانتساب الكثيف للمنخرطين والعمل دائما على تكوينهم لتكوين طليعة من المواطنين القادرين على تحمل أعباء الحكم (مدرسة للتربية السياسية) ، كما تمتاز بالتنظيم القوي الذي يحقق الانضباط ، مما جعلها ذات فعالية في الحياة السياسية ، حيث أن النواب يخضعون إلى قيادة الحزب بصفة صارمة و تكثر في هذا الحزب الاجتماعات و المؤتمرات لوضع برنامج الحرب .
ثانيا :التصنيف الإيديولوجي : في هذا التصنيف قسمت الأحزاب إلى :
أ. أحزاب اليمين : و هي أحزاب محافظة ذات آراء رأسمالية وهدفها الدفاع عن ثروات الملاك وتلجأ هذه الأحزاب إلى دعايات واسعة عن طريق شراء الصحف و الكتب و لتأييد أفكارها تعتمد على إنفاق الأموال الطائلة لتجد صدى لأفكارها في أوساط الجماهير.
ب.أحزاب اليسار: وهي أحزاب معارضة ذات آراء اشتراكية وهدفها تحقيق مبادئ الحرب حيث ترتكز هذه الأحزاب على قوة العمال وعلى الدعوة بينهم.
أحزاب الوسط: هذه الأحزاب تؤمن بفكرة التطور في سبيل السير بالبلاد نحو التقدم ، تعمل على الحد من سيطرة الاحتكارات والرأسماليات وتعمل أيضا على رفع مستوى معيشة الفرد و تحقيق العدالة الاجتماعية.
أشكال الأحزاب السياسية:(1)
يرى "روبرت ماكيفر" أن هناك ثلاث أشكال للأحزاب السياسية:
1ـ نظام الحرب الواحد.
2ـ " الحربين الكبيرين.
3ـ " تعدد الأحزاب.
أولا: نظام الحرب الواحد
وهو نظام يقوم فيه حزب واحد بالسيطرة على مظاهر الحياة دون أي منافسة من حزب آخر ، فهو يوصف بأن له نظاما جامدا ، كما يتميز بإعتماده المركزية الشديدة والطاعة المطلقة من طرف القاعدة للقيادة (عادة ماتستمد شرعيتها من الثورة كحرب جبهة التحرير الوطني في الجزائر من 1962إلى 1989)
ثانيا : نظام الحربين الكبيرين :
يقوم على حربين كبيرين يتنافسان على السلطة ويتدولانها باستمرار، رغم وجود أحزاب أخرى إلا أن تمثيلها النيابي قليل مثل ماهو الحال في و م أ(الحزب الديمقراطي والحرب الجمهوري)
ثالثا: نظام تعدد الأحزاب
يقصد بها وجود أكثر من حربين تتقارب فيما بينها من حيث القوة والوزن والأهمية ولاتكون لأحد منه السيطرة الكاملة على السلطة ، هذه التعددية الحربية تجعل النظام ديمقراطيا مثل فرنسا ، ايطاليا .
الفصل الثاني : أهمية الأحزاب السياسية ووظائفها
البحث الأول : أهمية الأحزاب السياسية (1)
تكمن أهمية الشئ في وظيفته ومنه يمكن أن تجمل أهمية الأحزاب السياسية فيما يلي :
1)هي مدارس للتكوين والتثقيف السياسي
2)هي أداة الرأي العام في التعبير عن مختلف إتجاهاته وتطلعاته
3)التحاور مع السلطة السياسية وتقديم الإشغالات الشعبية إضافة إلى إقتراح حلول للقضايا المطروحة
4)التصدي للاستبداد الحكومي وتحقيق التداول على السلطة
5) تنشيط الحياة السياسية داخل المجتمع عن طريق عرض البرامج والتنافس بين الأحزاب ، و السعي إلى كسب التأييد و الدعم الجماهيري
6) حصر المشاكل القائمة و اقتراح الحلول المناسبة لها
المبحث الثاني : الرأي المعارض لوجود الأحزاب (2)
الذين يعارضون الأحزاب السياسية يرون أ،ها :
1) تعمل على تفكيك الوحدة الوطنية و وحدة الأمة ( أي الفرقة و الضعف ) لكونها تدعو إلى التنافس و تشيع روح الانقسام بين المواطنين و هي تعمل على معارضة و نقد ما يقدمه غيرها من برامج و أفكار و حلول للمشاكل
2) الأحزاب تفضل الصالح الحربي على الصالح القومي : أي تعمل على تحقيق مصالح الحرب و أعضائه الخاصة بالدرجة الأولى على حساب المصلحة العامة .
3) الأحزاب تدعي الديمقراطية و بمجرد الوصول إلى الحكم و تولي السلطة تتحول إلى أحزاب ديكتاتورية .
4) التعددية الحربية تؤدي إلى الاختلاف و بالتالي كثرة الأزمات السياسية في المجتمع و منه ضعف الحكومات ( مثل ما يحدث حاليا في الكويت)
5) تسمح لإقليم معين بالسيطرة على الحكم على حساب الأغلبية خاصة في أنظمة الحرب الواحد .
إن كل هذه المبررات التي سيقت للتدليل على سلبية الأحزاب السياسية ليست هي ظاهرة عامة كما أنها مرتبطة بعوامل أخرى تتعلق بطبيعة النظام السياسي في ذلك البلد ، وهل التعددية السياسية لديه كخيار إستراتيجي أم مجرد تحايل على الناس والعالم ، إلخ .
المبحث الثالث : وظائف الحرب السياسي
سبق لنا الإشارة إلى أهمية الأحزاب السياسية كونها أداة للرأي العام في التعبير عن مختلف اتجاهاته ، و أنها تنشط الحياة السياسية ، و أداء الحكومات و تتصدى لاستبداده و تحدد مسؤولية السياسة العامة ، و نضيف إلى هذه المهام وظائف و هي على نوعين (1)
1) النظرة التقليدية لدور الأحزاب :
أ) التأطير السياسي والإيديولوجية للناخبين و للمترشحين:
• يعتبر هذا الدور رئيسيا في الأنظمة الليبرالية ، حيث للمواطنين أراء و رغبات و طموحات متضاربة يعمل الحرب على تقريبها و صياغتها في منظور موحد و عرضها في شكل برنامج .
• إذ فهي تبلور أفكار الناخبين و تسهل مهمة اختيارهم للحكام و انتقاد تصرفاتهم ، أو الضغط عليهم لتعديل سياساتهم .
• و هنا يتولى الحرب التوعية حول السياسة المتبعة لنقدها أو دعمها .
• نقل رغبات الناخبين إلى الحكام ، كواسطة بين الحكام و المحكومين .
• تكوين رأي عام مناصر لأفكاره و برامجه بقصد الوصول إلى السلطة .
• نشر الوعي السياسي في المجتمع و عرض الحقائق للناخبين في مختلف الميادين.
ب ) انتقاء و اختيار المترشحين للمناصب الانتخابية :
• الحزب يشكل مدرسة كبرى للتدريب على ممارسة السلطة و مهام الحكام ، و بالتالي يسمح الحرب بروز نخبة و تقديم إطارات متشبعة لمبادئه و أفكاره في المواعيد الانتخابية .
جـ) تاطير المنتخبين :
• يطلع المنتخبين على كل ما يجري في دوائرهم الانتخابية ، و ينقل لهم انشغالات المواطنين ، و و يحرص على التزام المنتخبين بتعهداتهم و المحافظة على مصالح الحرب بعيدا عن المصلحة الفردية .
• حماية المنتخب من الضغوطات .
2) النظرة الحديثة لدور الأحزاب السياسية :
أ) وظيفة الوسائط : و هي تشمل تقريبا الدور التقليدي الذي تحدثنا عنه سابقا .
ب) وظيفة التوفيق الاجتماعي : الفئات الإنسانية التي تكون محرومة من امتيازات النظام الحاكم تسعى إلى إزاحة هذا الحكم و لو بالفوضى التي قد تؤدي إلى هلاك الجميع .
لذلك فالحزب عن طريق تأطير و تنظيم و تنسيق رغبات و انشغالات هذه الجماعات و تقديمها إلى الحكام للتكفل بها و مراقبة مدى تنفيذها يفرغ شحنة العنف من المجتمع و بالتالي يعمل الحرب على تهدئة الصراع الاجتماعي داخل المجتمع بعيدا عن العنف و جعل الصراع سلميا تنافسيا ديمقراطيا .
فيتحقق التداول على السلطة و بالتالي الوفاق الاجتماعي بين مختلف الفئات و الشرائح الاجتماعية.
الخاتمة :
الأحزاب السياسية هي المظهر الجوهري للديمقراطية في الفكر السياسي الغربي و التي تعني حرية التعبير، حرية التنقل، حرية المراسلات و حرية تكوين الجمعيات و النقابات، و حرية تشكيل الأحزاب، بل لا معنى للديمقراطية بدون أحزاب.
و للأحزاب وظيفة أساسية في تقويم السلطة و كشف أخطائها و تعديل مساراتها نحو الصواب، و هي التي تعمل على إيجاد التوفيق الاجتماعي.
كما تعد الأحزاب مدارس للتكوين والتثقيف السياسي للمنخرطين وأداة لتنوير الشعب وتبصيره بحقوقه وواجباته ، وإن كان هناك من ينظر نظرة سلبية للأحزاب على اعتبار أنها تنشر الفرقة وتغلب المصلحة الفردية والحربية على المصلحة العامة .
لكن يبقى الغالب والأهم هو أن الأحزاب السياسية تتبنى انشغالات الشعب وتؤطرها وتدافع على تحقيقها لدى السلطات الحاكمة بأسلوب حضاري بعيدا عن العنف و الفوضى، كما تسهل للحاكم إيجاد الحلول للمشاكل المطروحة .
المراجع :
1/ د.الأمين شريط ، الوجيز في القانون الدستوري والمؤسسات السياسية المقارنة ، ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر ، ط 1999
2/ د.محمد نصر مهنا ، في النظام الدستوري والسياسي دراسة تطبيقية ، المكتب الجامعي الحديث، الأزاريطة الإسكندرية ،ط 2005
3/ د.محمد نصر مهنا ، في علم السياسة قراءة في المنهج ، مركز الإسكندرية للكتاب ، الأزاريطة الإسكندرية ، ط 2007