مقدمة
المبحث الأول :الشعب
المطلب الاول :مفهوم الشعب
المطلب الثاني : الشعب والأمة
المطلب الثالث : الأمة والدولة
المبحث الثاني :الإقليم
المطلب الاول :ماهية الإقليم
المطلب الثاني :مشتملات الإقليم
المطلب الثالث :طبيعة حق دولة على أقليمها
المبحث الثالث:السلطة السياسية
المطلب الاول : تعريف السلطة السياسية
المطلب الثاني :أشكال ومميزات السلطة السياسية
المطلب الثالث : خصائص سلطة الدولة
خاتمة
-----------------------------
مقدمة :
رغم تباين الاتجاهات الدستورية بشأن تعريف الدولة ، فإن الإجماع يوشك أن ينعقد على إنه يلزم لكي توجد الدولة أن يكون هناك مجموعة من الأفراد تعيش مستقرة في إقليم محدد وتخضع لسلطة سياسية معينة .
وبذلك يقتضي قيام الدولة توافر أركان ثلاث : الشعب ، والإقليم ، والسلطة السياسية . وتبعاً لذلك سوف نقسم هذا الفصل إلى مباحث ثلاثة :
المبحث الأول : الشعب
المبحث الثاني : الإقليم
المبحث الثالث : السلطة السياسية
المبحث الأول :الشعب
يعد وجود الشعب ، ركن أساسي لابد منه لقيام الدولة ( 1 ). ويقصد به مجموعة الأفراد الذين تتكون منه الدولة ، وهم الذين يقيمون على أرضها ويحملون جنسيتها ( 2 ).
و لا يشترط عدد معين كحد أدنى من الأفراد لقيام الدولة . فقد يقل العدد عن بضعة آلاف ( كإمارة موناكو ، وأندورا ، وبعض الدول العربية ) . وقد يزيد العدد فيتجاوز عدة مئات من الملايين ( كالهند والصين ) ، وإن كان يلاحظ أن كثرة عدد أفراد الشعب ، تكون عاملاً في زيادة قوة الدول ونماء إنتاجها وثروتها وبسط سلطانها ، كما إن الجماعة السياسية في العصر الحديث إن قل عدد سكانها إلى حد كبير فإنها لا تمثل الثقل السياسي الذي تمثله الدولة ، رغم توافر عناصرها القانونية ( 3 ).
والغالب أن يسود بين أفراد الشعب ، الانسجام المعنوي القائم على الجنس واللغة والدين أو غيرها من العوامل ، ولكن هذا ليس شرطاً أساسياً ، لأن الدولة يمكن أن تحتوي على عناصر لا تنسجم مع سائر المجموعة في الأصل أو اللغة أو الدين أو التقاليد ، الأمر الذي يثير الآن مشكلة الأقليات .
وعلى كل حال ، سواء وجدت الرابطة المعنوية أم لم توجد ، فسائر أفراد الشعب يرتبطون برابطة سياسية وقانونية ، وهي الجنسية أو الرعوية ، وهي العلاقة التي تربط الرعايا بدولتهم .
أولاً- مفهوم الشعب :-
للشعب مفهومان ، المفهوم الاجتماعي والمفهوم السياسي ( 4 ).
ويعني ( مفهوم الشعب الاجتماعي ) : كافة الأفراد الذين يقيمون على إقليم الدولة ، وينتمون إليها ، ويتمتعون بجنسيتها ( 5 )، ويطلق على هؤلاء رعايا الدولة الوطنيين .
أما ( مفهوم الشعب السياسي ) فيقصد بـه : الأفراد الذين يتمتعون بحق ممارسة الحقوق السياسية ، وعلى الأخص حق الانتخاب ، أي الذين تدرج أسماؤهم في جداول الانتخابات ، ويطلق عليهم جمهور الناخبين .
وعلى هذا يبقى الشعب بمعناه الاجتماعي ، أوسع نطاقا من الشعب بمعناه السياسي ، الذي يستبعد فئات متعددة من أفراد الشعب ، بحكم مركزهم القانوني ، سواء تعلق الأمر بالناحية الذاتية كفاقدي الأهلية ، أو الناحية الجنائية كمرتكبي بعض الجرائم .إلاّ أن أهم عامل يقرب أو يبعد مفهومي الشعب من بعضهما البعض هو النظام الدستوري .
فحيث يأخذ النظام الدستوري بنظام الاقتراع العام ، يقرب الشعب بمفهومة السياسي من الشعب بمفهومه الاجتماعي ، لأنه لا يشترط في مواطني الدولة إلا بعض الشروط التنظيمية ، كالتي تتعلق بالجنسية ، أو السن ،أو الأهلية .
أما عندما يأخذ النظام السياسي بنظام الاقتراع المقيد فإنه يباعد الشعب بمفهومه السياسي عن الشعب بمفهومه الاجتماعي ، لأنه يشترط بالإضافة إلى الشروط التنظيمية السابقة ، شروطا أخرى في الناخب ، كتوافر قسط محدد من المال ، أو درجة معينة من التعليم ، أو الانتماء إلى طبقة معينة من الطبقات .
- الشعب والسكان :
إذا كان الشعب بمعناه العام ، يشير إلى مجموع الأفراد الذين يستقرون على إقليم دولة معينة ، وينتمون إليها بالجنسية ، وهم الذين يطلق عليهم اصطلاح رعايا أو مواطنين . فإن لفظ السكان يتسع ليشمل كل من يقيم عل إقليم الدولة ، سواء كان من شعب هذه الدولة ( بمعناه الاجتماعي والسياسي ) أو من الأجانب الذين لا ينتسبون إلى جنسية الدولة ، والذين لا تربطهم بالدولة سوى رابطة الإقامة على إقليمها .
وهكذا يتضح اتساع مفهوم السكان عن مفهوم الشعب الاجتماعي ، واتساع مفهوم الشعب الاجتماعي عن مفهوم الشعب السياسي .
ثانياً- الشعب والأمة :
الشعب هو مجموع الأفراد الذين يكونون الدولة . أي إنه ركن من أركان الدولة باعتباره مكونا للعنصر البشري فيها . ولذا يرتبط بالدولة وجودا وعدما . فإذا مازالت الدولة لأي سبب كان كاندماجها في غيرها ، فإن شعبها يصبح جزءا من شعب الدولة الجديدة .
والأمة جماعة بشرية تجمعها روابط كوحدة الأصل واللغة والدين والتاريخ المشترك وغيرها من الروابط التي تجعل منها وحدة لها كيانها الذي يميزها ويولد لدى أفرادها الإحساس بانتمائهم إلى هذه الوحدة الاجتماعية ( 6 ).
ومن أهم النظريات التي تناولت موضوع الأمة وتحديد العناصر المكونة لها نذكر:
1- النظرية الألمانية.
تعتمد هذه النظرية على عنصر اللغة في تكوين الأمة ومن أشهر القائلين بها المفكران فيخت(Fichte) و هردر (Herder) وذلك تلبية لرغبة الألمان في ضم الألزاس واللورين إلى السيادة الألمانية لأنهما ناطقتان باللغة الألمانية.
2- النظرية الفرنسية.
جاءت كرد على النظرية الألمانية، حيث ترى أن العنصر المميز للأمة عن الشعب هو الرغبة والإرادة المشتركة في العيش معا داخل حدود معينة، وليس العرق ولا اللغة.
والنقد الذي وجه لهذه النظرية هو أن الرغبة في العيش المشترك هي نتيجة لظهور الأمة وليست عاملا في تكوينها.
3- النظرية الماركسية.
اقتصر أنصار الشيوعية في تحديد العناصر المكونة للأمة على العامل الاقتصادي. وهذه النظرية كذلك لاقت انتقادا شديدا من جمهور الفقهاء لأن العديد من الأمم استعمرت ولم تصمد سوى الأمم التي بنيت على العوامل المعنوية مثل العواطف والتاريخ المشترك واللغة والدين، ولكن العنصر المادي لم يكن له تأثير في تحريك الأمم ضد مستعمريها.
- وعلى ذلك ، فإن الفارق بين الشعب والأمة يتمثل في أن الرابطة التي تجمع بين أفراد الأمة رابطة طبيعية معنوية تستند إلى عوامل معينة هي الأصل البشري ، واللغة ، والدين ، والتاريخ المشترك … الخ ، ولكن لا يترتب عليها أي أثر قانوني ( 7 ).
أما الرابطة بين أفراد شعب الدولة فهي رابطة سياسية قانونية تفرض عليهم الولاء للدولة والخضوع لقانونها ، وتفرض على الدولة في المقابل حماية أرواحهم وأموالهم وكافة حقوقهم التي يقرها القانون . ولا يشترط في الشعب – كركن في الدولة – أن تتوافر له خصائص الأمة ومقوماتها ، إذ يوجد الشعب رغم اختلاف الأصل أو اللغة أو الدين وغيرها من العناصر التي تسهم في وجود الأمة ، فالتجانس ليس شرطا لوجود الشعب .
وهكذا لا تتطابق بين فكرة الأمة وفكرة الشعب ( 8 ). فقد يكون شعب الدولة جزء من أمة موزعة بين عدد من الدول من ناحية ، وقد يكون شعب الدولة خليطا من عدة قوميات من ناحية أخرى ، وتتمثل الحالة الأولى في الأمة العربية الموزعة بين ( 22 ) دولة ، أما الحالة الثانية فتتمثل في الاتحاد السوفيتي السابق .
إلا أن اختلاف مفهوم الشعب عن الأمة لا ينفي إمكان التطابق بينهما ، فقد يتكون شعب الدولة من أمة واحدة وهذا هو الواقع في عدد من دول العالم وخاصة دول أوربا الغربية كفرنسا وإيطاليا وألمانيا .
ثالثاً- الأمة والدولة :
الأمة عبارة عن مجموعة من الأفراد تستقر على إقليم معين بحيث تجمع بين هؤلاء الأفراد الرغبة في العيش معا نتيجة روابط وعوامل مشتركة .
أما الدولة فهي مجموعة متجانسة من الأفراد تعيش على وجه الدوام في إقليم معين ، وتخضع في تنظيم شؤونها لسلطة سياسية .
وإذا كان يتضح من تعريف الأمة والدولة اشتراكهما في عنصري الأفراد والإقليم ، فإنهما يختلفان في أمور عدة :
فالأمة هي حقيقة اجتماعية ونفسية قوامها التجانس والارتباط القومي نتيجة لخصائص ومقومات مشتركة . أما الدولة فهي حقيقة قانونية قوامها السلطة السياسية يخضع لها أفرادها .
وعلى ذلك ، تختلف الأمة عن الدولة ، والذي يميز بينهما هو السلطة السياسية ، فالسلطة السياسية شرط ضروري لوجود الدولة ، وليست كذلك بالنسبة للأمة ، ومن ثم ليس التلازم حتميا بين الأمة والدولة .
كما يظهر الاختلاف بين الأمة والدولة ، في أن الأمة قد تسبق وجود الدولة ( 9 )، وذلك إذا انقسمت الأمة الواحدة بين عدة دول ، بمعنى إنها قد توجد أمة واحدة تربط بين أفرادها وحدة روحية ، ولكن مع ذلك نجدها موزعة بين دول مختلفة .
ومثال ذلك ، الأمة العربية ، التي تكون منها الكثير من الدول ، فهي سابقة على الدول ، وكذلك الأمة الألمانية التي وزعت بين دولة ألمانيا ، ودولة النمسا ، وجزء من فرنسا هو الإلزاس واللورين ، وبالتالي فهي أمة سابقة على الدول سالفة الذكر( 10 ) .
ومن ناحية أخرى قد تسبق الدولة وجود الأمة ، وذلك إذا تكونت دولة من عناصر كانت تابعة في الأصل لأمم مختلفة .
ومثال ذلك ، الدولة السويسرية التي تكونت من مجموعة أفراد ينتمون بعضهم إلى أصل فرنسي ، والبعض إلى أصل ألماني ، والبعض الآخر إلى أصل إيطالي .
---------------
( 1 ) – د. محمد رفعت عبد الوهاب ، الأنظمة السياسية ، منشورات الحلبي الحقوقية ، بيروت ، 2007 ، ص25 .
( 2 ) – د. محمود عاطف ألبنا ، الوسيط في النظم السياسية ، الطبعة الأولى ، دار الفكر العربي ، القاهرة ، 1988 ، ص14 .
( 3 ) – Marcel Pr elot : Institutions Politiqueset Constitutionel, Dalloz,6ee d ,1957.P.9.
( 4 ) – د. عبد الغني بسيوني عبد الله ، النظم السياسية ، أسس التنظيم السياسي ، دار المعارف ، الإسكندرية ، 1990 ، ص 19 .
( 5 ) – د. سعيد السيد علي ، المصدر السابق ، ص 25 .
( 6 ) – يراجع في تعريف الأمة :
-Geores Burdeau : Droit Constitionel et institutions Politique , Paris , 20e d , 1989. p.19 .
– د. نوري لطيف ، القانون الدستوري ، المصدر السابق ، ص 15 .
- د. فؤاد العطار ، النظم السياسية والقانون الدستوري ، القاهرة ، 1966 ، ص24 .
– د. سليمان محمد الطماوي ، المصدر السابق ، ص 19-20 .
( 7 )-يرى الدكتور مصطفى أبو زيد فهمي : أن اللغة والتاريخ هما أقوى عاملين في تكوين الأمة ، فتأريخ الأمة هو صانع ضميرها ، ولغة الأمة هي صانعة فكرها .
- د. مصطفى أبو زيد فهمي ، النظام الدستوري للجمهورية العربية المتحدة ، دار المعارف ،1965 ، ص 12-13 .
( 8 ) –د.ماجد راغب الحلو ، الدولة في ميزات الشريعة والنظم السياسية ، دار المطبوعات الجامعية ، الإسكندرية ، 1966 ، ص 36
( 9 ) –Andre Hauriou : Droit Constitutionel etInstitution Politiques , 1966 , p.92 ets .
( 10 )– د. محمد كامل ليلة ، النظم السياسية ، دار الفكر العربي ، القاهرة ، 1963 ، ص 48 وما بعدها .
- د. صلاح الدين فوزي ، النظم السياسية ، مكتبة الجلاء الجديدة ، المنصورة ، 1983-1984 ، ص 45 .
المبحث الثاني : الإقليم
أولاً-ماهية الإقليم :
لا يكفي وجود مجموعة مترابطة من الأفراد لقيام دولة معينة ، إذ لابد من وجود بقعة محددة من الأرض يستقرون عليها ويمارسون نشاطهم فوقها بشكل دائم حتى تتكون تلك الدولة ، وهذا ما يطلق عليه إقليم الدولة .
و وجود الإقليم شرط ضروري لقيام الدولة ( 1 )، فهو الذي يمثل النطاق الأرضي ، والحيز المالي ، والمجال الهوائي ، الذي تباشر عليه الدولة سيادتها ، وتفرض فوقه نظامها وتطبق عليه قوانينها ( 2 ).
ويمثل إقليم الدولة مصدر قوتها ومنعتها ، بما تنتجه أرضه من زراعة ، وما يستخرج من باطنها من ثروات معدنية ومواد أولية ، وما يؤخذ من شواطئه وبحيراته وأنهاره من ثروات بحرية ومائية
وبذلك ، لا توجد دولة –كقاعدة عامة – بدون أن يكون لها إقليم محدد المعالم يستوطنه شعب هذه الدولة على سبيل الدوام .
ويتبع اعتبار الإقليم ركن من أركان الدولة ، أنه لا يمكن أن تتمتع بهذا الوصف القبائل الرحل التي تتنقل من مكان إلى آخر ، كما لا تعتبر في مرتبة الدول الجماعات القومية التي ليس لها إقليم خاص بها تستقر عليه وتنفرد به على وجه الدوام .
ولإقليم كل دولة حدود تفصله عن أقاليم الدول الأخرى المحيطة به ، وتعيين هذه الحدود يكتسب أهميته ، نظرا لأنها تعين النطاق الذي تمارس الدولة سيادتها داخله ، والحد الذي تنتهي عنده سلطة الدولة ، لتبدأ سلطة دولة أخرى .
وهذه الحدود قد تكون طبيعية وقد تكون غير طبيعية ( صناعية )
- الحدود الطبيعية : هي التي توجدها الطبيعة ، كسلسلة جبال أو نهر أو بحر أو بحيرة . ولاشك أن وجود فاصل طبيعي بين إقليمي دولتين له مزايا من نواحي مختلفة . ففيه أولا حسم لما ينشأ عادة من منازعات بشأن تعيين الحدود ، وفيه ثانيا تيسير لمهمة الدفاع عن الإقليم ضد أي اعتداء خارجي .
- الحدود غير الطبيعية ( الصناعية ) : فهي التي تلجأ إليها الدول إذا لم يكن هناك حد طبيعي يفصل أقاليمها المجاورة ، أو رغبة في تعديل هذا الحد , وتثبت إما بوضع اليد غير المتنازع فيه لمدة طويلة ، وإما بالنص عليها ضمن معاهدة أو اتفاق خاص . وقد تكون الحدود الصناعية مرئية إذ تبين بعلامات خارجية ظاهرة كأعمدة أو أحجار مرموقة أو أبراج صغيرة أو ما شابه ذلك .
وقد تكون الحدود الصناعية غير مرئية وتعين بخط ، كخط الطول أو خط العرض .
ثانياً- مشتملات الإقليم :
يشتمل إقليم الدولة على الإقليم الأرضي ، والإقليم المائي ، و الإقليم الجوي ( 3 ).
أ- الإقليم الأرضي :
هو مساحة معينة من الأرض . بكل ما تتضمنه من معالم طبيعية كالسهول والوديان والهضاب والجبال .كما يشمل باطن الأرض ( إلى مالا نهاية في العمق ) وما تحويه من موارد وثروات طبيعية .
وقد يكون إقليم الدولة متصلا في أجزائه ، كما هو الشأن في أغلب دول العالم ، وقد يكون منفصل الأجزاء ، كالدول التي تتكون من عدة جزر ، أو يدخل في مساحتها الإقليمية بعض الجزر مثل : بريطانيا ، و اندونيسيا ، و اليابان .
و لا يشترط في إقليم الدولة أن يبلغ مساحة معينة . فقد يكون إقليما واسعا مترامي الأطراف ، كالصين والبرازيل . وقد يكون إقليما ضيقا محدود المساحة ، كدولة الفاتيكان ، وجمهورية سان مارينو .
وإذا كانت مساحة إقليم الدولة لا تؤثر على شخصيتها القانونية ، إلا إن انكماش المساحة الأرضية لإقليم الدولة سيؤدي يقينا إلى تضاؤل أهمية هذه الدولة وضعف مكانتها بين دول العالم . وبالمقابل فأنه كلما كانت مساحة إقليم الدولة كبيرة كلما كان ذلك عونا على تزايد قوة الدولة ، وعاملا هاما على تقدمها ورقيها ، واحتلالها مكانة مرموقة بين دول العالم .
ب- الإقليم المائي :
ويشمل المسطحات المائية الواقعة في نطاق أرض الدولة ، كالأنهار والبحيرات ، بالإضافة إلى البحر الإقليمي ، وهو الجزء الساحلي الملاصق لشواطئ الدولة من البحار العامة .
وتقوم فكرة البحر الإقليمي على أساس إن سواحل الدولة تمثل حدودها البحرية ، وإن من حق كل دولة أن تتولى الدفاع عن هذه الحدود المفتوحة ، و لا يتأتى ذلك إلا بسيطرتها على مساحة معينة من المياه المتاخمة لسواحلها .
وبالنسبة لتحديد مدى البحر الإقليمي الذي يعد جزءا من إقليم الدولة ، فإنه كان مجالا للخلاف في الرأي بين دول العالم ( 4 ).
وكان الأمر قد انتهى إلى تحديد نطاق البحر الإقليمي بثلاثة أميال فقط على أساس إن هذه المسافة كانت تمثل الحد الأقصى لمدى القذائف المدفعية في ذلك الحين .
ومع ذلك فإن تحديد مدى البحر الإقليمي بثلاثة أميال لا يمثل إلا الحد الأدنى ، أما فيما يتعلق بالحد الأقصى فقد ظل محل اختلاف بين الدول ولا توجد قاعدة ثابتة حتى الآن . حيث تحدد بعض الدول بحرها الإقليمي بستة أميال كإيطاليا وأسبانيا ، ومنها ما تحدده بإثني عشر ميلا مثل مصر والعراق ، وبعضها يحدده بأكثر من ذلك ، في حين ظلت بعض الدول متمسكة بقاعدة الثلاث أميال كحد أقصى كألمانيا واليابان .
ج- الإقليم الجوي :
ويتمثل في الفضاء الذي يعلو كلا الإقليمين الأرضي والمائي للدولة ، دون التقييد – في الأصل –بارتفاع معين .
ولكل دولة سيادة على إقليمها الجوي ، وهذه السيادة لا يقيدها إلا حق المرور البريء للطائرات المدنية في إطار أحكام الاتفاقيات الدولية الثنائية ، وكذلك الاتفاقيات متعددة الأطراف ( كاتفاقية شيكاغو لعام 19444 ) ( 5 ).
على إن جانبا من الفقه ، يلاحظ إن مبدأ السيادة الكاملة والانفرادية للدولة على طبقات الهواء والقضاء التي تعلو إقليمها إلى مالا نهاية في الارتفاع ، هو مبدأ نظري بحت . خاصة وإنه مبدأ لم يعد يتوائم مع الأوضاع التي كشف عنها التقدم العلمي الحديث ولا يتفق مع ما يجري عليه العمل الآن في نطاق العلاقات الدولية . فقد توصل الإنسان إلى ارتياد الفضاء وأطلقت بعض الصواريخ والأقمار الصناعية ومركبات الفضاء ، لتخترق طبقات الهواء والفضاء التابعة لكل دول العالم ، دون الحصول على موافقتها ، ودون احتجاج منها . لذلك رأى هذا الجانب من الفقه وجوب أن يحدد الإقليم الجوي بارتفاع معين على أساس ما يثبت للدولة من قدرة على السيطرة في نطاقه ، أما ما يعلوه فيبقى حرا طليقا ، وإن عُرف التعامل بين الدول سوف يقرر مدى هذا الارتفاع .
ثالثا: - طبيعة حق الدولة على إقليمها :
تباينت الاتجاهات الفقهية الدستورية في تحديد حق الدولة على إقليمها ، وهي تتلخص فيما يلي :
1- حق ملكية :
يذهب أنصار هذه النظرية أن طبيعة حق الدولة على إقليمها هو حق ملكية ، يتمثل في تملك الدولة للإقليم ذاته بكافة عناصره ، بحيث يكون للدولة حق التصرف في تلك العناصر ، بكافة أنواع التصرفات من بيع ورهن وتنازل وهبه … الخ ( 6 ) .
ويؤخذ على هذه النظرية إن اعتبار الدولة مالكة للإقليم يؤدي إلى منع الملكية الفردية للعقارات ، ويتعارض مع وجود أموال لا مالك لها .
ويرد جانب من الفقه على هذا الانتقاد ، بأنه لا يوجد تعارض بين الملكية العامة للدولة وبين ملكية الأفراد الخاصة ، إذ أن ملكية الدولة للإقليم ، ملكية عليا ، تنشر ظلها على جميع الممتلكات الخاصة وتسمو عليها( 7 ).
وهذا الدفاع ليس كافيا لتبرير النظرية . فحق الدولة على إقليمها وإن كان حق ملكية لكنه يختلف عن حق الملكية المعروف في القانون الداخلي ، فهو حق ذا طبيعة سياسية ، يقصد به ما للدولة من سلطة على الإقليم ، وخضوعه لولايتها وحكمها وإدارتاها وتشريعها وقضائها .
2 - حق سيادة :
يرى أنصار هذه النظرية أن طبيعة حق الدولة على إقليمها هو حق سيادة ، و أن هذه السيادة تتحد بنطاق الإقليم .
ويتمثل هذا التكييف الأساس القانوني الذي يفسر سلطة الدولة في نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة ، والاستيلاء المؤقت على العقارات ، وفي تحديد حد أقصى للملكية ( 8 ).
وينتقد هذا التكييف ، بأن السيادة إنما ترد على الأشخاص وليس على الأشياء ، أي إن الدولة تمارس سيادتها على الأفراد الموجودين في الإقليم ، وليس على الإقليم ذاته .
ويرد جانب من الفقه على هذا الانتقاد ، بأنه إذا كانت سيادة الدولة على الأشخاص أمرا مسلما ، فإن هذه السيادة يمكن أن تنسحب على الإقليم وتفسر بما يتلاءم مع طبيعة الإقليم وإنه جماد ، فتأخذ معنى السيطرة والهيمنة والإشراف عليه وحمايته . ومقتضى هذه السيادة والهيمنة على الإقليم ، تملك الدولة حقوق واختصاصات تمارس في مواجهة الأفراد ، وتنصب في نفس الوقت على الإقليم ، كتقرير الملكية الخاصة ، وحمايتها ، وتحديدها ونزعها للمنفعة العامة ( 9 ).
3-حق عيني نظامي :
إزاء الانتقادات الموجهة إلى كل من نظرية الملكية ونظرية السيادة ، فقد اتجه الفقيه " بيردو " إلى تكييف حق الدولة على إقليمها بأنه حق عيني ذو طبيعة نظامية . فهو حق عيني ينصب على الأرض أي على الإقليم مباشرة ، وهو حق نظامي يتحدد مضمونه وفقا لما يقتضيه العمل على تحقيق النظام في الدولة ( 10 ).
وانتقد هذا الرأي بأنه يفتقر إلى الوضوح الكافي لتفسير طبيعة حق الدولة على إقليمها ، نظرا لصعوبة تحديد مضمون هذا الحق ذي الطبيعة الخاصة .
-------------
( 1 )– د. زهير المظفر ، القانون الدستوري والمؤسسات السياسية ، المصدر السابق ، ص 60 .
( 2 )– د. عبد الغني بسيوني عبد الله ، النظم السياسية ، المصدر السابق ، ص 23 .
( 3 )– د. محمد رفعت عبد الوهاب ، المصدر السابق ، ص 27 .
( 4 )– د. علي صادق أبو هيف ، القانون الدولي العام ، الطبعة السابعة ، منشأة المعارف ، الإسكندرية ، 1965 ، ص 381 .
( 5 )– أخذت اتفاقية باريس لسنة 1919 بالسيادة الكاملة للدولة على طبقات الهواء التي تعلوها ، مع ترتيب حقوق معينة لطائرات الدول المتعاقدة المدنية ، وأكدت ذلك اتفاقية الطيران المدني الدولي بشيكاغو سنة 1944 .
( 6 ) – د. سعيد السيد علي ، المصدر السابق ، ص 54 .
( 7 ) – د. علي صادق أبو هيف ، المصدر السابق ، ص 358.
( 8 ) – د.محمود حافظ : الوجيز في النظم السياسية والقانون الدستوري ، القاهرة ، 1976 ، ص 21 .
( 9 ) – د. محمد كامل ليلة ، المصدر السابق ، ص 35 .
( 10 ) – Burdeau :Traite de Science Politique , T.11e me,ed.Paris,1967, p.83
المبحث الثالث : السلطة السياسية( 1 )
لا يكفي لوجود الدولة أن يتوافر شعب يستقر على إقليم معين ، إذ يتعين علاوة على ذلك توافر ركن ثالث يتمثل في وجود هيئة حاكمة تمارس السلطة السياسية بحيث يخضع الأفراد لها ( 2 ).
ولما كانت الهيئة لها حق ممارسة السلطة السياسية فيكون لها حق تنظيم أمور الجماعة وتولي شؤون الإقليم في مختلف نواحيه التنظيمية . الأمر الذي يتعين معه خضوع الأفراد لهذه الهيئة الأولى فيما تصدره من قواعد و أحكام .
ولا يشترط أن تتخذ هذه الهيئة الحاكمة شكلا سياسيا معينا ، وإنما يجب أن تبسط سلطانها على الإقليم الذي تحكمه بما لا يسمح بوجود سلطة أخرى منافسه لها .
وهنا يحق التساؤل ما إذا كان يشترط رضاء الطبقة المحكومة لقيم و وجود الهيئة الحاكمة ؟ .
وقد أجاب الفقه بأنه لا يشترط أن تمارس هذه الهيئة الحاكمة السلطة برضا الشعب ويكتفي أن تفرض احترام إرادتها والخضوع لها بالقوة، فإنه مما لا شك فيه أن عامل الرضا والاقتناع بالسلطة الحاكمة مسألة هامة لضمان بقائها وديمومتها وحتى لا تبقى غير قانونية، لهذا يميز الفقهاء بين السلطة الشرعية والسلطة المشروعة.
السلطة الشرعية والسلطة المشروعة.
ـ فالسلطة الشرعية هي السلطة التي تصل إلى سدة الحكم وفقا للقانون الساري المفعول في الدولة. وعندما يقال هذا عمل شرعي أي يتطابق مع القانون بصفة عامة كما يقال شرعية دستورية عندما تتطابق أعمال السلطة مع الدستور.
ـ أما السلطة المشروعة فهي صفة تطلق عادة على سلطة يعتقد الأفراد أنها جاءت وفق ما يؤمنون به من قيم ومعتقدات، وتأتي على العموم عند غياب الشرعية الدستورية ولهذا تستعمل عبارات المشروعية الثورية والمشروعية التاريخية.
وعليه فمصطلح الشرعية يعد أكثر دقة ووضوحا من مصطلح المشروعية الذي يعتمد على عوامل سياسية مختلفة.
مميزات السلطة.
يمكن إجمالها باختصار في:
ـ أنها سلطة عامة وشاملة أي أنها ذات اختصاص يشمل جميع نواحي الحياة في الدولة ويخضع لها جميع الأفراد دون استثناء.
ـ أنها سلطة أصلية ومستقلة بحيث لا تستمد وجودها من غيرها، ومنها تنبع جميع السلطات الأخرى وتكون تابعة لها.
ـ أنها سلطة دائمة أي لا تقبل التأقيت ولا تزول بزوال الحكام.
ـ أنها سلطة تحتكر استخدام القوة العسكرية والمادية والتي تجعلها تسيطر على جميع أرجاء الدولة وهي تنفرد بوضع القوانين وتتولى توقيع الجزاء.
- الاعتراف بالدولة :
إذا توافرت الأركان الثلاثة السابقة ( الشعب - والإقليم - والسلطة السياسية الحاكمة ) تنشأ الدولة ويتحقق لها الوجود القانوني . فإذا ما تم هذا الوجود يتعين أن تأخذ الدولة مكانها بين الدول الأخرى ( 5 ).
ويتحقق ذلك بالاعتراف بالدولة الجديدة ، أي التسليم من جانب الدول القائمة بوجود هذه الدولة وقبولها كعضو في الجماعة الدولية ( 6 ).
وهنا يحق التساؤل عما إذا كان الاعتراف يعد من أركان تكوين الدولة ، بحيث لا يمكن أن تنشأ هذه الأخيرة إلا إذا قامت باقي الدول بالاعتراف بها ؟ .
إن الاعتراف لفظاً يحمل في مدلوله سبق وجود الشيء المعترف به ، ولا يمكن أن ينصرف الاعتراف إلى شيء غير موجود من قبل . وإذا طرحنا جانبا منطق الألفاظ ومدلولها ، ونظرنا إلى المسألة من الناحية الموضوعية ، لما تغير الموقف ، ولوجدنا أن الاعتراف لا يجدي شيئاً ـ إذا لم تكن الدولة قد اكتملت أركانها و وجدت من قبل ، فإن لم تستكمل هذه الدولة هذه الأركان ، فلا يمكن أن يجعل منها الاعتراف شخصا دوليا ، لأنه لا يخرج عن كونه إجراء قانوني لإقرار مركز فعلي سابق وجوده عليه .
لذا أصبح من المستقر عليه في الوقت الحاضر أن الاعتراف إجراء مستقل عن نشأة الدولة . وذلك أن الدولة تقوم وتنشأ ويتحقق لها الوجود القانوني بتوافر الأركان الثلاثة السابق بيانها . أما الاعتراف فهو إقرار من الدول بالأمر الواقع ، أي بأمر وجود الدولة الذي تحقق ونشأ قبل هذا الاعتراف ( 7 ).
ولما كان الاعتراف عبارة عن إقرار لحالة واقعية سابقة عليه ، فهو لا يعتبر والحالة هذه من أركان الدولة . ومن ثم يكون للاعتراف صفة إقراريه لا صفة إنشائية . ويكون من أثره ظهور الدولة في المحيط الخارجي حيث تأخذ مكانها مع باقي الدول الأخرى .
وبناءاً على ذلك ، فإن الامتناع عن الاعتراف بدولة جديدة من جانب الدول القائمة ، لا يمنع من أن تتمتع هذه الدولة بشخصيتها القانونية الدولية وما ترتبه من حقوق . وكل ما ينتج عن هذا الامتناع هو إعاقة مباشرتها لحقوقها ، نظرا لعدم قيام علاقات سياسية بينها وبين الدول الممتنعة عن الاعتراف ( 8 ).
المطلب الأول تعريف السلطة :
الفرع الأول :التعريف اللغوي :كلمة السلطة تعن إشتقاقا القصر وهذا يدل لغويا بأن السلطة إنما تعني القوة والسيطرة .
الفرع الثاني :التعريف الاصطلاحي :
لا تخرج السلطة من كونها قوة يهدف إستعمالها إلى تنظيم لجماعة وفي هذا يشير بيدرو أن السلطة هي القوة المنظمة لحياة المجتمع.
السلطة السياسية :
لا تكفي لقيام الدولة وجود مجموعة بشرية وإقليم تستقر عليه وإنما لا بد أن يتونى ركن ثالث وهو السلطة السياسية ويقصد بها سلطة في المدينة وهذا هو المفهوم اللغوي اما إصطلاحي فيراد به سلطة الدفع والقرار والتنسيق التي تتمتع بها الدولة لقيادة البلاد ,كم ان السلطة السيايسة لا تختلف عن السلطة لقيام الدولة وهي ضرورية لكونها الوسيلة التي بواسطتها تستطيع الدولة القيام بوضائفها الداخلية والخارجية لحماية مصالح الأفراد والجماعات بما يتماشى والصالح العام لأن وظيفة الدولة في عصرنا الحاضر يمتد إلى العديد من الحالات هدفها تحقيق أكبر قسط من العدل والمساواة .
المبحث الثاني :أشكال السلطة السياسية
المبدأ العام أن السلطة إما أن تكون اجتماعية مباشرة وإما أن تكون مجسدة في شخص معين أو سلطة مؤسسة.
1-السلطة الاجتماعية المباشرة :
وهي الحالة التي لا يمارسها أحد بمفرده ولكن الكل يطيعون ويتصرفون في إطار العادات والتقاليد وهي تتصف بأنها مطبوعة بطابع الإرهاب والعقاب وإن كان الشخص خوفا من الابعاد الذي هو أشد العقوبات مضطرا الى التصرف بما يرضي الجماعة لأن الطاعة في ظل تلك السلطة يغطي عليها الطابع الغريزي وهذا النوع هو سلطة ساد في العصر القديم ونجد كوادر منه في عصرنا الحاضر في افريقيا زامريكيا الجنوبية اين توجد جماعات قليلة لا تزال تعيش وفق نظام بدائي يعتمد على معتقدات وعادات وتقاليد موجودة مسبقا فلا يجد الفرد الا مراعاتها والامتناع عن أية مبادرة مخالفة له والا تعرضنا لعقوبات طبيعية او الهية .
2-السلطة المجسدة في شخص أو فئة معينة في تلك السلطة التي تكن مرتبطة بشخص الحاكم يمارسها كامتياز وهو ما يميزه بها عن غيره من الأشخاص فتكون مرتبطة بشخص الحاكم يمارسها كامتياز وهو ما يميزه بها عن غيره من الأشخاص فتكون مرتبطة بشخصه كما يتمتع به من نفوذ وليست وظيفة مستقلة عنه يمارسها وفق احكام قانونية مهنية معينة.
3-السلطة المؤسسة :
فهي المتعددة على رضا الشعب لأن الحاكم لا يمارسها كامتياز أو كصاحب سيادة أو مالك لها وانما كوظيفة اسندت له من قبل صاحب السيادة (الشعب ) لمدة محددة.
وتنشأ لدى وعي الجماعة وانها اسمى من الفرد وان لما حقوق سمو عليه مع التسليم أيضا بان الفرد ليس عدرا وانما يكمل كل منصبا الآخر.
مميزات السلطة السياسية :
تتميز السلطة السياسية بكونها أصلية وشاملة فضلا عن طابعها الاكراهي الذي بموجبه تفرض سلطتها غير أن القوة المادية لا تؤسس السلطة السياسية بالضرورة وانما تستعمل للحفاظ عليه لكونه ملازيته لا تنقسم عنها.
وياصالة السلطة السياسية في كونها لا تستمد وجودها عن غيرها ولا تعلوها أخرى فكلما تستمد من السلطة السياسية فضلا عن كونها ليست شاملة فهي شاملة تمارس من قبل الحكام على الجماعة المتواجدة في اطار اقليم الدولة وتشمل مختلف النشاطات في اذن غير محددة الجماعات والنشاطات الا وفق ارداتها لأن غايتها تحقيق الخير المشترك للجميع.
وان كانت السلطة السياسية ضرورية للجماعة للحفاظ على النظام ودفع الخطر الخارجي فان ذلك يضفي عليها صفة القداسة التي تتدعم بما تعبر عنه من تصرفات وعزم على تحقيق الرفاهية وضمان الوفاق.
ومن مميزاتها أيضا هو تأرجحها بين الفعلية والقانونية من حيمة واستعمال الاكراه من جهة ثابتة.
كما تتميز بمركزيته أصلا وبالتالي انعدام سلطة أخرى بين الدولة والمواطنين وكذلك كونها سياسية توفق بين مختلف المصالح وحتى الدول الاشتراكية رغم مكانة السلطة الاقتصادية الا انما تسيرها طبقة معينة الى جانب الفئتين والارادتين الذين يخضعون لسلطة الحكومة.
السلطة المضادة أو المواجهة :
وهي كل المراكز المنظمة لاتخاذ القرارات ومصالح التأثير التي تعمل من أجل الحد من ضبط السلطة السياسية وتظهر من خلال المؤسسات الدستورية التي تتولى الرقابة على السلطة التنفيذية الحالكة لقوة القهر والاكراه ومن خلال المؤسسات والتنظيمات التي تكون خارج السلطة لكنها تملك وسائل بموجبها على السلطة السياسية وهي تختلف من حيث طبيعتها إلى :
1-السلطة المضادة التأسيسية :
تضمن التوازن الداخلي لسلطة السياسية وتجنب التعسف فس ستعماله وعلى رأسها هيئات الرقبة السياسية المتمثلة في البرلمان والهيئت القضائية بمختلف أشكالها واختصاصاتها فهي تعتبر سلطة مضادة لكونها توقف السلطة لتنفيذية عند حدها في حالة اعتدائها على اختصاصاتها والدوبلات في الأنظمة الفيدرلية لأنها وان كانت تمارسه السلطة على مستواها الا أنها تعد سلطة مضادة للسلطة المركزية.
2-السلطة المضادة السياسية :
تتكون من أحزاب سياسية وهي حرة تمارس في اطار تعددية سياسية وحزبية , حرية الصحافة التي تلعب دورا بالغا لا محمية كوسيلة بين السلطة والشعب ومن مهام هذه التنظيمات مراقبة ومتابعة ممارسي السلطة ونقل ذلك الى الشعب مما يجعلها تملك نصيبا من السلطة المضادة.
جـ-السلطة المضادة الاجتماعية :
وتتمثل على الخصوص في النقابات التي أصبحت تشارك و تؤثر في اتخاذ قرارات السلطة وتقوم بدور السلطة المضادة من جهة أخرى كما أن الجمعيات بمختلف أشكالها وطبيعتها تعد سلطة مضادة لما لها من أثر على اختيارات المجتمع وقرارات السلطة السياسية.
المطلب الثالث:خصائص سلطة الدولة :
تتميز سلطة الدولة عن غيرها من السلطات بخصائص تنفرد به وتضفي عليها طابعا لا يتوفر الا فيها هذه الخصائص هي :
1-سلطة الدولة سلطة مركزية :
تعد من أبرز مميزات سلطة الدولة الحديثة ذلك أن الدولة عبر التاريخ تسعى الى تحقيق وحدة مركز اتخاذ القرار وبلرغم من نمو الشعور الاقليمي بضرورة المشاركة في تسيرير الشؤون المحلية وعليه فوصف سلطة الدولة أنها مركزية ظاهرة ملحوظة في جميع الدول وعليه فان الوحدات الداخلة في الدولة بالرغم من تمتعها بقدر كبير من السيادة الداخلية الا أنها تتمتع في مواجهة المجتمع الدولي بسلطة الدول المركزية.
2-سلطة الدولة سلطة تحكيم :
إذا كانت سلطة الدولة خلال ق 19 منكمشة في ميادين معدودة تبعا لفلسفة الفردية التي تجعل من الدولة حارسا على الحريات الأفراد والمبادرة الحرة فان التطور الذي شهدته المجتمعات أقضى تدخل الدولة في ميادين كثيرة تلبية لحاجيات ولهذا لم تعد الحياة الاقتصادية اذ تفرض على المتعاملين الاقتصاديين ضرورة لحماية العمال اجتماعيا وتأسيسهم من مخاطر العمل وغير من أساليب تدخل سلطة الدولة تحكم بين ممثلين الاقتصاديين والاجتماعيين في الدولة.
3-سلطة الدولة خارجة عن الذمة الملية للحكام :
انفصلت بشكل نهائي سلطة الدولة عن شخصية الحكام وذمتهم المالية منذ أن أصبحت سلطة الدولة التي يمارسها الحكام مجرد وظيفة تؤدي باسم الدولة ولحسابها ولهذا لم تعد صفة لويس الرابع عشر " الدولة أنا " مقبولة وعليه انتهى عهد السلطة الشخصية وحلت محلها سلطة المجتمع المجسدة في مؤسسات الدولة والممارسة فعلية من قبل موظفيها.
4-سلطة الدولة سلطة ذات سيادة :
الواقع أن معظم خصائص الدولة لم تكتسبها بفضل كون سلطتها سيادة وقد تعددت التعاريف للسيادة في الفقه الدستوري ولكنها متفقة على كون السيادة قوة أو إرادة تعلوا كل شيء وتتفوق على من سواها.
4- مظاهر السيادة : للسيادة مظهرين:
1-سياسة خارجية : خاصة بالعلاقات الخارجية بين الدول ذات سيادة بهذا المعنى هي ذات مضمون سلبي لا يعطيه الحق في اتخاذ أي ايجابي يمس بسيادة دولة أخرى
2- سياسة داخلية : لها مضمون ايجابي بمعنى أن الدولة تتمتع بسلطة عليا على جميع أفرادها وعلى الهيئات الموجودة على اقليمها فلها نزع الملكية ولها سلطة الاصدار لاوامر لتكليف الأشخاص والسلطات العامة لتسيير شؤون الأفراد.
--------------
( 1 ) – يعتبر هذا الركن أهم أركان الدولة ، والعنصر المميز لها ، فهو الذي يميزها عن الأمة ، وهو الذي يميزها عن التجمعات ، كاأو الأسرة ، وأيضا عن التقسيمات الجودة داخل الدولة ، سواء كانت تقسيمات مركزية أو لا مركزية .
- د. رمضان محمد بطيخ ، مبادئ الأنظمة السياسية ونظم الحكم في العالم المعاصر ، دار النهضة العربية ، 2001 ، ص 51 .
( 2 ) – د. محمود عاطف ألبنا ، المصدر السابق ، ص 41.
- د. ماجد راغب الحلو ، النظم السياسية والقانون الدستوري ، منشأة المعارف ، الإسكندرية ، 2005 ، ص 51 .
( 3 ) – د.محسن خليل ، النظم السياسية والدستور اللبناني ، المصدر السابق ، ص 60 .
( 4 ) – في ذات المعنى ، د. ثروت بدوي ، النظم السياسية ، الكتاب الأول ، تطور الفكر السياسي والنظرية العامة للنظم السياسية ، الطبعة الأولى ، دار النهضة العربية ، 1961 ، ص 185-186 .
( 5 ) – د.محمد رفعت عبد الوهاب ، المصدر السابق ، ص 29.
( 6 ) – د. علي صادق أبو هيف ، المصدر السابق ، ص 180 وما بعدها .
( 7 ) – د.محمد رفعت عبد الوهاب ، المصدر السابق ، ص 30.